من أنا

صورتي
الأستاذ ريوقي عبد الحليم أستاذ جامعي رئيس تحرير مجلة علمية محكمة عضو خلية الذخيرة العربية بالمجمع الجزائري للغة العربية رئيس منتدى البحوث والدراسات والترجمة يمتلك خبرة 12 سنة في عالم الكتاب والتوثيق والمعارض الولائية والوطنية والدولية مارس الإدارة لأكثر من ستة سنوات في مجالات مختلفة مارس الصحافة لأكثر من سنتين

الأربعاء، 15 سبتمبر 2010

مجلة دراسات أدبية مجلة علمية محكمة

مجلة دراسات أدبية

علمية محكمة

تعنى بالدراسات الأدبية واللغوية

يصدرها مركز البصيرة للدراسات والبحوث

رئيس التحرير: الأستاذ عبد الحليم ريوقي

البريد الإلكتروني: eladabiya@hotmail.fr

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد الصادق الأمين.

وبعد.

يسرني أن أقدم للأساتذة والباحثين والطلبة مجلة دراسات أدبية، وهي مجلة علمية محكمة يصدرها مركز البصيرة للدراسات والبحوث، مجلة تعنى بالدراسات الأدبية واللغوية والنقدية، وتهتم بكل ما يدور في فلك الجامعة وعلوم اللغة العربية وآدابها.

المجلة قطعت أشواطا كبيرة، ونالت تقدير الأساتذة والطلبة والجامعات من داخل الوطن وخارجه، خاصة أنها تضمن التوزيع على كل مكتبات الوطن الجزائري، وبعض الدول العربية وجامعاتها، واهتمام القراء بها من كل المستويات في تزايد مستمر، لمسنا هذا من خلال مبيعات المجلة التي تزداد مع كل عدد أو من اتصالات القراء وتنويههم بالمقالات بأنها كانت في مستوى تطلعاتهم واهتماماتهم أو مستوى الطبع والإخراج،...، وهذا ما جعلنا أن نكون حريصين كل الحرص للسمو بها أكثر من كل الجوانب حتى نكون عند مستوى تطلعات قرائنا.

ويسرني ويشرفني أن أدعو إلى التواصل معها اقتناء وتوجيها للملاحظات والاستفسارات والآراء، أو الاتصال من أجل نشر المقالات العلمية.

ونقدم أعضاء الهيئة العلمية والمجلس العلمي للمجلة:

أعضاء الهيئة العلمية من جامعات الدول العربية

 الأستاذ الدكتور عبد الرحمن بن حسن العارف وكيل معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي، مكة المكرمة، المملكة العربية السعودية.

 الأستاذ الدكتور سعيد بنكراد، كلية الآداب، جامعة مولاي إسماعيل، مكناس، المملكة المغربية.

 الأستاذ الدكتور عبد الله محمد العضيبي أستاذ الأدب والنقد، كلية اللغة العربية، جامعة أم القرى مكة المكرمة، المملكة العربية السعودية.

 الأستاذ الدكتور سعيد يقطين، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، المملكة المغربية.

 الأستاذ الدكتور عبد الكريم عوفي، كلية اللغة العربية، جامعة أم القرى مكة المكرمة، المملكة العربية السعودية.

 الأستاذ الدكتور محمد المشد، قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة الكويت المفتوحة، الكويت.

 الأستاذ الدكتور عبد اللطيف عبيد، جامعة 07 نوفمبر، تونس.

 الأستاذ الدكتور محمد هاشم فالوقي، جامعة الفاتح، طرابلس، الجماهرية الليبية العظمى.

 الأستاذ الدكتور عبد الرحيم مراشدة، رئيس قسم اللغة العربية، جامعة جدارا، المملكة الأردنية الهاشمية.

 الأستاذ الدكتور عطا محمد إسماعيل أبو جبين، المديرية العامة لتطوير المناهج، سلطنة عمان.

 الأستاذ الدكتور محمد عبد الحي، جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، الإمارات العربية المتحدة.

 الأستاذ الدكتور يسري عبد الغني عبد الله، خبير بالتراث الثقافي، جامعة القاهرة، مصر

 الأستاذ الدكتور رباح اليمني مفتاح، كلية الآداب، جامعة الأقصى، فلسطين.

أعضاء الهيئة العلمية من جامعات الجزائر

 الأستاذ الدكتور عبد الجليل مرتاض، جامعة أبي بكر بلقايد، تلمسان، الجزائر.

 الأستاذ الدكتور جيلالي بن يشو، جامعة عبد الحميد بن باديس، مستغانم.الجزائر

 الأستاذ الدكتور محمد زمري، جامعة تلمسان.الجزائر

 الأستاذ الدكتور محمد مرتاض، جامعة تلمسان. الجزائر

 الدكتور مولود بغورة، جامعة الجزائر -02- بوزريعة الجزائر.

 الدكتور هشام خالدي، جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان. الجزائر

 الدكتور عبد الحليم بن عيسى جامعة وهران.الجزائر

 الأستاذ الدكتور عبد الجليل مصطفاوي جامعة تلمسان. الجزائر

 الأستاذ الدكتور أحمد عزوز جامعة وهران. الجزائر

 الأستاذ الدكتور عبد القادر سلامي جامعة تلمسان. الجزائر

ولا تفوتني فرصة أن أقدم لكم مواضيع الأعداد السابقة:

العدد الأول ماي 2008:

- " اللغة العربية و مشكلة المصطلح" - الأستاذ إبراهيم منّاد، قسم اللغة العربية وآدابها جامعة مستغانم، الجزائر.

- "الاتّصال اللساني بين البلاغة والتداولية"- الأستاذة سامية بن يامنة، جامعة مستغانم، الجزائر.

- " التناص : إشكالية المصطلح والمفاهيم "- الأستاذة محصول سامية، قسم اللغة العربية وآدابها جامعة المدية، الجزائر.

- "المرجعية اللغويّة في النظرية التداوليّة"- الدكتور: عبد الحليم بن عيسى ،جامعة وهران، الجزائر.

-" إبداع النص الأدبي بين الوعي واللاوعي" - الأستاذ: عبد الحليم ريوقي، جامعة البليدة، الجزائر.

- " قصيدة - النثر بين الواقع والمأمول - قراءة في المصطلح "- الأستاذة : فتيحة بن يحي ، المركز الجامعي يحي فارس ، المدية، الجزائر.

- " اللغة وأسئلة القصّ في ضوء المنهج البنيوي"- الدكتور: هشام خالدي، قسم اللغة العربية وآدابها جامعة المدية. الجزائر.

العدد الثاني جانفي 2009:

- "دراسة في المعاجم العلمية المختصة معجم مصطلحات العلوم الزراعية لمصطفى الشهابي – نموذجا-"، د. جيلالي بن يشو- جامعة مستغانم. الجزائر.

- " مقاربات بين النقد الغربي الحديث والنقد العربي القديم ( التناص أنموذجا )"، الأستاذ عبد الحليم ريوقي جامعة البليدة. الجزائر.

- " مفهوم التناص من حوارية ميخائيل باختين إلى أطراس جيرار جينات"، الأستاذ : شرفي عبد الكريم رئيس قسم اللغة العربية وآدابها، المركز الجامعي الدكتور يحيى فارس المدية. الجزائر.

- " المصطلح الصوتي عند ابن سينا "، أ .مولاي عبد الحفيظ طالبي، جامعة العين الإمارات العربية المتحدة.

- " العدول الصوتي وتناسب آي الذكر الحكيم"، د. عبد الخالق رشيد، (جامعة وهران)، الجزائر.

- " الهمزة بين التحقيق والتخفيف في القراءات و اللهجات"، أ/عمــر بوبقــار قسم اللغة العربية و آدابها جامعة قاصدي مرباح ـ ورقلة. الجزائر

- " مسائل صوتية في معجم العين"، الدكتور: هشام خالدي المركز الجامعي يحيى فارس بالمدية ، الجزائر

العدد الثالث جوان 2009:



- "شعرالأخطل وجرير والفرزدق في كتب المختارات الشعرية حتى نهاية القرن الرابع الهجري"، . أ . د . عبد الله بن محمد العضيبـي، قسم الأدب ـ كلية اللغة العربية ، جامعة أم القرى. مكة المكرمة.

- "فواتح السور في النص القرآني و دلالاتها"، الأستاذ:بن شريف محمد، جامعة ابن خلدون – تيارت. الجزائر.

- " آثار العلامة الجزائري محمد بن أبي شنب(الأدبية وغيرها)"، الأستاذ بومعالي نذير، جامعة المدية، الجزائر.

- أنواع التضمين في علوم اللغة العربية ( النحو- البلاغة – علم القافية- الصوتيات)"، الأستاذ: عبد الحليم ريوقي. الجزائر.

- " قراءة سيميائية في عنوان: "الأجواد" لعبد قادر علولة" ، سهام بن زياني، جامعة أبي بكر بلقايد-تلمسان.الجزائر.

- "النص التراثي وآليات قراءته التداولية"-نقد النثر لقدامة بن جعفر نموذجا-"، الدكتور: عبد الحليم بن عيسى، جامعة وهران. الجزائر.

- "مقاربة سيميائية لنص " إلى طغاة العالم " للشاعر أبي القاسم الشابي"، الأستاذ محمد خليفاتي، جامعة الدكتور يحيى فارس، المدية . الجزائر

العدد الرابع ديسمبر 2009:

- "الرمز الأسطوري في الشعر الجزائري المعاصر الشاعر حكيم ميلود نموذجا" أ/ أحمد قيطون، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة، الجزائر.

- "حضور الولي في المخيال الشعبي" الدكتور: بن لباد الغالي، جامعة تلمسان ، الجزائر.

- "مدخل إلى اللسانيات الحاسوبية المفهوم، ومجالات التطبيق" الأستاذ: حميدي بن يوسف، جامعة يحيى فارس المدية، الجزائر.

- " لفظتا (الصديق والصاحب) ودلالتهمـا في القرآن الكـريم" د. إبراهيم عبد الله الغامدي، جامعة أم القرى كلية اللغة العربية ، مكة المكرمة

- "مفهوم الاتساق و الانسجام و أشكالهما" الأستاذ : سليمان بوراس، جامعة محمد بوضياف المسيلة، الجزائر

- "مفهوم الإيقاع في الشعر الفصيح والشعر العامي ( الشعبي )" الدكتور: محمد زوقاي، رئيس دائرة اللغة العربية وآدابها. جامعة المدية. الجزائر

العدد الخامس فيفري 2010:

- " اللسانيات التاريخية المقارنة قراءة في لغات الجزيرة العربية ولهجاتها"، الدكتور. هشام الخالدي جامعة تلمسان- الجزائر

-" السرقات الأدبية وتوارد الخواطر بين النقد العربي القديم والنقد الغربي الحديث"، الأستاذ: ريوقي عبد الحليم جامعة الجزائر

- " تجليات التعدد المصطلحي في النقد العربي المعاصر (الواقع والآفاق)"، الأستاذة: فتيحة بن يحيى جامعة تلمسان- الجزائر

- " الانزياح في الدراسات الأسلوبية"، الأستاذة: سامية محصول، الجزائر

- " الخطاب النقدي العربي: من النقد إلى نقد النقد"، الأستاذ: محمد مكــاكـي- جامعة البليدة- الجزائر

- " التذكير والتأنيث في اللغات السامية "، الأستاذة . لطيفة عبو جامعة تلمسان – الجزائر

- " اللغة العربية بين الواقع التلقيني والحاضر التفعيلي"، الأستاذة: سلمى شويط جامعة جيجل- الجزائر

- " قراءة في كتاب ( تاريخ الجزائر الثقافي ) أوسع موسوعة ثقافية جزائرية تنتظر الباحثين " ، عرض : أ.د/ عبد الكريم عوفي جامعة أم القرى، مكة المكرمة.

العدد السادس: جوان 2010

- " المدارس النحوية في نظر الدارسين المُحدَثين - بين التأييد والرَّفض-"، الدكتور رباح اليمني مفتاح، جامعة الأقصى، غزة، فلسطين.

- " التجربة الإبداعية وأصول البيان عند ضياء الدين بن الأثير"، الدكتور محمد زمري، جامعة تلمسان، الجزائر.

- " بنية المحكي السير- ذاتي في رواية " وشم على الصدر" لعثمان سعدي"، الدكتور علال سنقوقة جامعة الجزائر -2 - بوزريعة.

- " إشكالية الهوية اللغوية في عصر العولمة – اللغة العربية أنموذجا-"، الأستاذة الزهراء عاشور، جامعة أم البواقي، الجزائر.

- " السيميائيات بين سوسير وبيرس"، الأستاذ عبد القادر بلعباس، جامعة تلمسان، الجزائر.

- " الشعر بين المفهوم الفلسفي والأدبي"، الأستاذ محمد كرد، جامعة معسكر، الجزائر.

- " الكلام المنطوق والعمل المعجمي،" ، الأستاذ ناصر بلخيتر، جامعة تلمسان، الجزائر.

- " الظواهر النحوية في شعر المتنبي من منظور شراحه"، الأستاذ محمد بوسعيد، جامعة شلف، الجزائر.

ملاحظة:

يمكن التواصل مع الاستاذ عبد الحليم ريوقي رئيس تحرير مجلة دراسات أدبية، عن طريق البريد الإلكتروني: eladabiya@hotmail.fr ، كما يمكنك إرسال المقالات العلمية عن طريقه لنشرها.



أنواع التضمين في علوم اللغة العربية

أنواع التضمين في علوم اللغة العربية

( النحو- البلاغة – علم القافية- الصوتيات)

أ: عبد الحليم ريـوقي

الجزائر

مقدمة:

تعددت العلوم وتنوعت الاختصاصات فيها، وبين هذا وذاك تداخلت العلوم في ما بينها بما يحتاج كل علم إلى العلوم الأخرى من جهة، ومن جهة ثانية لوجود عدة فروع علمية تتجاذبها عدة علوم، فكل علم يرى بأنه الأحق به من غيره، وهو من جملة اختصاصاته، وإذا تركنا هذا الباب وطرقنا باب تداخل المفاهيم العلمية والمصطلحات ليس بين عدة علوم فحسب بل في العلم الواحد، فيمكن أن تجد مصطلحا واحدا يدل على عدة مفاهيم مختلفة، وهذا مرده إلى اللغة في حد ذاتها، فالعلماء قديما وحديثا عندما يريدون تسمية علم أو فن من الفنون العلمية، يبحثون في اللغة عن مفردات تكتنف هذا العلم، وتكون دالة عليه من الجانب المصطلحي، فيرجعون إلى التعاريف الموجودة في المعاجم اللغوية، أو دون الرجوع إليها بالاعتماد على زادهم اللغوي، فيجدون بأن هذا اللفظ أنسب لهذا الفن أو غيره، وكذلك يفعل غيرهم، وهنا يقع التماثل والتشاكل والتطابق اللفظي والمصطلحي، إذا كان التعريف اللغوي للمصطلح العلمي يناسب هذه الفنون المختلفة، ويجعلها تدخل في مضمونه.

وعلى هذا نجد عدة مصطلحات، ومنها مصطلح التضمين، والذي نجده في علوم متعددة: النحو، البلاغة، علم القافية، الصوتيات، بل حتى في علم البلاغة فهو مصطلح واحد لثلاثة فنون مختلفة، وقبل الخوض في هذا الجانب نعرف التضمين لغة.

التّضمين لغة: التّضمين مصدر قياسي على وزن التّفعيل، وفعله الماضي ضمّن على وزن فعّل، ويقال ضمّن يضمّن تضمينا، والجذر الثّلاثي للكلمة هو (ض م ن).

"ضمن، الضاد والميم والنون أصل صحيح، وهو جعل الشّيء في شيء يحويه من ذلك قولهم: ضمّنت [الشّيء] إذا جعلته في وعائه، والكفالة تسمّى ضمانا من هذا، لأنّه إذا ضمنه فقد استوعب ذمته"[1]، "ورجل ضمن، وقوم ضمنى وهو من الضّمان، ومعناه لزم مكانه كما يلزم الكفيل العهدة أو لزم علّته، وكانت ضمنة فلان أعواما [بالضمّ]"[2]، "وضمّنته الشّيء تضمينا فتضمّنه يعني غرمته فالتزمه [...]، ورجل مضمون اليدّ مخبولها"[3]، "وفهمت ما تضمّنه كتابك أي ما اشتمل عليه، وكان ضمنه وأنفذته ضمن كتابي أي في طيّه"[4]، "وضمّن الشّيء الشّيء: أودعه إيّاه كما تودع الوعاء المتاع، والميّت القبر"[5].

"ويقال شرابك مضمّن إذا كان في كوز أو إناء"[6]،" والمضامين: ما في بطون الحوامل، وأمّا المضامين فإنّ أبا عبيد قال: هي ما في أصلاب الفحول [...] من كلّ شيء، ومنه الحديث أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهى عن بيع الملاقيح والمضامين، [...]، والضّامنة ما تضمنته القرى، والأمصار من النّخل" [7]، "وفي الحديث: "الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن" أراد بالضّمان هاهنا الحفظ والرّعاية لا ضمان الغرامة لأنّه يحفظ على القوم صلاتهم"[8].

"والضّمن والضِّمان والضَّمان والضّمنة والضّمانة: الدّاء في الجسد من بلاء أو كبر [...]، وقد ضمن (بالكسر)، ضمنًا كمرض وزمن [...]، وفي حديث عبد الله بن عمر: "من اكتتب ضمنا بعثه الله ضمنا يوم القيامة"، أي من سأل أن يكتب نفسه في جملة الزّمنى ليعذر عن الجهاد ولا زمانة به"[9]، "الضّمن:الزّمن فإنّه من باب الإبدال كأن الضّاد مبدلة من زاي"[10]، "والضمانة: الحبّ [...]، ورجل ضَمِن : عاشق"[11]، "ومضمون اسم"[12].



التّضمين اصطلاحا في علوم اللغة العربية ( النحو، البلاغة، علم القافية، الصوتيات)



التّضمين في اللغة العربية هو مصطلح دال لخمسة مفاهيم وهي :

1/التّضمين في علم النّحو [و علم البيان] (saturation sémantique/sémantic saturation)

2/ التّضمين في علم العروض (enjambement/enjambement)

3/ التّضمين المزدوج ( لا يوجد ما يقابلها باللغة الفرنسية أو الإنجليزية)

4/ التضمين في علم الصوتيات ( لا يوجد ما يقابلها باللغة الفرنسية أو الإنجليزية في حدود علمنا)

5/ التّضمين في علم البديع (insertion dune citation / quotation /insertion of a….).



أولا: التضمين في علم النّحو [و علم البيان] :(saturation sémantique/semantic saturation)

التضمين في علم النحو وعلم البيان: "هو إشراب كلمة معنى أخرى لتتعدّى تعديتها نحو الآية "﴿عينا يشرب بها المقرّبون﴾"[13] فالفعل شرب تعدى بالباء لتضمينه معنى ارتوى، ونحو الآية ﴿"والله يعلم المفسد من المصلح"﴾[14] حيث ضمّن يعلم معنى يميّز"[15].

وقال الزّركشي (ت794هـ): "هو إعطاء الشّيء معنى الشّيء، وتارة في الأسماء والأفعال، وفي الحروف، فأمّا في الأسماء فهو أن تضمّن اسما معنى اسم لإفادة معنى الاسمين جميعا كقوله تعالى:"﴿حقيق على أن لا أقول على الله إلاّ الحقّ﴾"[16]، ضمّن حقيق معنى حريص ليفيد أنّه محقوق بقول الحقّ، وحريص عليه، وأمّا الأفعال فأنّ تضمّن فعلا معنى فعل آخر، ويكون فيه معنى الفعلين جميعا، وذلك بأنّ يكون الفعل يتعدّى بحرف فيأتي متعدّيا بحرف آخر ليس من عادته التّعدي به، فيحتاج إمّا لتأويله أو تأويل الفعل ليصّح تعديه به مثل قول الله تعالى﴿عينا يشرب بها عباد الله﴾"[17] "فضمّن يشرب معنى يروي، فأريد باللفظ الشّرب والرّيّ معا فجمع بين الحقيقة، والمجاز في لفظ واحد، وقيل التّجوز في الحرف، وهو الباء فإنّها بمعنى من"[18]، أمّا تضمين الحرف فهو كما رأينا في الآية السّابقة في تضمين الباء معنى من، أو كما في قول الله تعالى "﴿فقل هل لك إلى أن تزّكى ﴾"[19]، "وإنّما يقال هل لك في كذا ؟، لكن المعنى أدعوك إلى أن تزكى"[20] فضمّن حرف " إلى " معنى حرف " في " .

أمّا الرّماني (ت 384 هـ) فيعرف التّضمين بقوله: "تضمين الكلام هو حصول معنى فيه من غير ذكر له باسم أو صفة هي عبارة عنه"[21]، ويضع الرّماني التّضمين على نوعين: "ما كان يدلّ عليه الكلام دلالة الأخبار، وما يدلّ عليه دلالة القياس"[22].

فالّذي يدلّ عليه الكلام دلالة الإخبار كذلك الشّيء بأنّه محدث فهذا يدلّ على المحدث دلالة الإخبار، والتّضمين في الصّفتين جميعا، ومثال على ذلك مكسور ومنكسر، والتّضمين كلّه إيجاز استغني به عن التّفصيل إذا كان مما يدلّ دلالة الإخبار في كلام النّاس[23]، فمقتول يؤكد بوجود قاتل، ولا مقتول بدون قاتل.

"وأمّا التّضمين الّذي يدلّ عليه دلالة القياس فهو إيجاز في كلام الله عزّ وجلّ خاصّة لأنّه تعالى لا يذهب عليه وجه من وجوه الدّلالة [...]، وليس كذلك سبيل غيره من المتكلّمين بتلك العبارة لأنّه قد تذهب إليه دلالتها من جهة القياس، ولا يخرجه ذلك عن أن يكون قد قصد بها الإبانة عما وضعت له في اللغة من غير أن يلحقه الفساد في العبارة، وكلّ آية لا تخلو من تضمين لم يذكر باسم أو صفة فمن ذلك "بسم الله الرحمن الرحيم" قد تضمن التّعليم لاستفتاح الأمور على التّبرك به والتّعظيم لله بذكره، وأنّه أدب من آداب الدّين، وشعار المسلمين، وأنّه إقرار بالعبودية، واعتراف بنعمه التي هي من أجلّ نعمة"[24].

ويقول ابن هشام الأنصاري (ت 761 هـ): "وفائدة التّضمين أن يدلّ بكلمة واحدة على معنى كلمتين يدلك على ذلك أسماء الشّرط، والاستفهام، ونظيره أيضا قوله عليه الصّلاة والسّلام: "كلّ مولود يولد على الفطرة حتّى يكون أبواه هما اللذان يهوّدانه أو ينصّرانه"[25]، لا يجوز أن تعلق حتّى يولد لأنّ الولادة لا تستمر إلى هذه الغاية، بل الّذي يستمر إليها كونه على الفطرة، فالصّواب تعليقهما بما تعلقت به "على"، وأنّ "على" متعلقة بكائن محذوف منصوب على الحال من الضّمير في يولد، ويولد خبر كان"[26].

"والتّضمين النّحوي هو سبب في تعدّي الفعل اللازم، ولزوم الفعل المتعدّي، فأسباب تعدّي الفعل اللازم أصلها ثمانية.

1- الهمزة: كأكرم زيد عمرا

2- التّضعيف: كفرّحت زيدا

3- زيادة ألف المفاعلة نحو: جالس زيد العلماء.

4- زياد حرف الجرّ: ذهبت بعليّ.

5- زياد الهمزة والسّين والتّاء، نحو: استخرج زيد المال.

6- حذف حرف الجرّ توسعا كقوله:

تمرّون الدّيار ولم تعوجوا كلامكم عليّ إذن حرام[27]

فحذف الباء من الدّيار لأنّ الأصل تمرّون بالدّيار.

7- تحويل اللازم إلى باب خصر، لقصد المغالبة نحو، قاعدته، فقعدته، فأنا أقعده.

8- التّضمين النّحوي: "وهو أن تشرّب كلمة لازمة معنى كلمة متعدّية لتتعدى تعديتها نحو "﴿ولا تعزموا عقدة النّكاح حتّى يبلغ الكتاب أجله﴾"[28]. ضمّن تعزموا معنى تنووا، فعدّي تعديته"[29].

"والتّضمين النّحوي هو أيضا أحد أسباب لزوم الفعل المتعدّي، وهي في جملتها خمسة أسباب وهي:

1/ التّضمين النّحوي، وهو أن تشرب كلمة متعدية معنى كلمة لازمة، لتصير مثلها كقوله تعالى "﴿فليحذر الذين يخالفون عن أمره﴾"[30] ضمّن يخالف معنى يخرج، فصار لازما مثله.

2/ تحويل الفعل المتعدّي إلى فَعُل بضمّ العين، لقصد التّعجب، والمبالغة نحو ضَرُب زيد، أي ما أضربه أو جَمُلَ المنظر أي ما أجمله.

3/ صيرورته مطاوعا ككسرته فانكسر.

4/ضعف العامل بتأخيره كقوله تعالى "﴿إن كنتم للرؤيا تعبرون﴾"[31]

5/ الضّرورة كقوله:

تبلت فؤادك في المنام خريدة تسقي الضّجيع ببارد بسّام[32]

أي تسقي ريقا باردا"[33].

والتّضمين بهذا المعنى نجد من العلماء من يضعه في باب المجاز، وهو متّصل بعلم البيان، فأبو عبيدة (ت 210 هـ) يسمّيه المجاز في الحرف فيقول: "ومن مجاز الأدوات اللواتي لها معان في مواضع شتى في بعض تلك المواقع لبعض تلك المعاني، يقول الله تعــــالى: ﴿ ولأصلّبنكم في جذوع النّخل﴾"[34]، فمعناه على جذوع النّخل، وهو مجاز في الحرف، وفي قوله تعالى ﴿ الذين إذا اكتالوا على النّاس يستوفون﴾" [35] فمعناه من النّاس"[36].

ويقول أبو البقاء الكفوي (ت 1094 هـ): "وقال بعضهم: التّضمين إيقاع لفظ موقع غيره ليضمّنه معناه، وهو نوع من المجاز"[37]، ويقول التّهانوي (ت 1158 هـ): "التّضمين مجاز لأنّ اللفظ لم يوضع للحقيقة والمجاز معا، والجمع بينهما مجاز"[38]، ويقول الزّركشي(ت794هـ): "والتّضمين أيضا مجاز لأنّ اللفظ لم يوضع للحقيقة والمجاز معا، والجمع بينهما مجاز خاص يسمّونه التّضمين تفرقة بينه وبين المجاز المطلق"[39]، وإذا ما نظرنا في تعريف المجاز عند البلاغيين فإنّ من تعريفهم له يدخل ما قلناه تحت غطاء المجاز، يقول عبد القاهر الجرجاني (ت471هـ) معرفا المجاز: "وأمّا المجاز فكلّ كلمة أريد بها غير ما وقعت له في وضع واضعها لملاحظة بين الثّاني والأوّل، وإن شئت قلت: كلّ كلمة جزت بها ما وقعت له في وضع الواضع إلى ما توضع له"[40]، ففي الآية "في جذوع النّخل" أريد بها غير ما وقعت له وهي على جذوع النّخل، وكذلك في الآية "على النّاس" كلمة جزنا بها ما وقعت له في وضع الواضع إلى ما توضع له، وهي "من النّاس".

وقد قرر مجمع اللغة العربيّة ما يلي: "التّضمين أن يؤدي فعل أو ما في معناه في التّعبير مؤدّى فعل آخر أو في معناه فيعطي حكمه في التّعدية واللزوم، وهو قياسي لا سماعي بشروط ثلاثة:

أوّلا: تحقق المناسبة بين الفعلين.

ثانيا: وجود قرينة تدلّ على ملاحظة الفعل الآخر يؤمن معها اللبس.

ثالثا: ملائمة التّضمين للذوق العربيّ.

ويوصي المجمع ألاّ يلجأ إلى التّضمين إلاّ لغرض بلاغي"[41].

وعد عبد السلام مسدي (ت2005 م) التضمين النحوي ضمن الانزياح [42] أو ما يعرف بالعدول أو الانحراف écart/déviation (الذي يعده كثير من الدارسين كوجه من أوجه الأسلوبية) وهو العدول عن المعيار norme، والمعيار هنا هو معيار لغوي، وكأن التضمين النحوي هو عدول وانزياح لغوي على جهة العدول عن استعمال اللفظ ( فعل، حرف، اسم...) إلى استعمال آخر مكانه.

ثانيا: التّضمين في علم العروض ( علوم القافية) (enjambement, enjambement):

التّضمين في علم العروض متّصل بعلم القافية، وهو عيب من عيوب القافية إلى جانب "الإيـطاء، الإقـــواء، الإصراف، الإكفاء، الإجازة، السّناد"[43].

"فالتّضمين: تعلق قافية البيت بما بعده بأنّ يكون السّابق غير مستقل بنفسه [...]، ويسمّى تضمينا لأنّ الشّاعر ضمّن البيت الثّاني معنى الأوّل لأنّه لا يتمّ الكلام إلاّ بالثّاني[44]، أو (هو افتقار القافية إلى البيت الذي بعدها في إفادة معناها) أي (ربط البيت السّابق بالبيت الّذي تلاها بأن تفتقر إليه في الإفادة)"[45].

ويقول عنه السّكاكي (ت626هـ): "التّضمين المعدود في العيوب، وهو تعلق آخر البيت بأوّل البيت الّذي يليه على نحو قوله : وسائل تميما بـنا والرّباب وسائل هوازن عنّا إذا ما

لقيناهم كيف هنّو لهــم ببيض تعلق بيضا وهاما "[46].

"ويكون قبيحا وجائزا، فالأوّل [القبيح]: إذا اشتملت قافية البيت الأوّل على شرط أو قسم أو مبتدأ أو فعل موصول ...، وكان جواب الشّرط أو جواب القسم أو الخبر أو فاعل الفعل أو صلة الموصول فيما بعده بحيث لا يتمّ الكلام إلاّ به كقول النّابغة :

وهم ورد الجفار على تميم وهم أصحاب يوم عكاظ أنّى

شهدت لهم مواطن صادقات شهدن لهم بحسن الظنّ منّي"[47]

"والثّاني [الجائز] إذا تمّ الكلام بدون ما في البيت الثّاني، والحاجة إليه تكميل المعنى فقط كالتّفسير، والنّعت، وغيره (أما إذا ربط بشيء من البيت السّابق غير كلمة رويه بالبيت اللاحق فليس تضمينا).

كقول بعض المحدثين :

إن أبطأت الحــا جة عنّي والسرّاح

فـعليّ السّعي فيها وعلى الله النّجاح"[48]

ويقول ابن رشيق القيرواني (ت456هـ): "وكلّما كانت اللفظة المتعلقة بالبيت الثّاني بعيدة عن القافية كان أسهل عيبا من التّضمين"[49]، ومن النّقّاد المتقدّمين من لا يعدّه عيبا كابن الأثير (ت637هـ) حيث يقول: "وهو عندي غير معيب لأنّه إن كان سبب عيبه أن يعلق البيت الأوّل على الثّاني فليس ذلك بسبب يوجب عيبا"[50]، "و[هو] ليس بعيب عند الأخفش، وقال ابن جنّي هذا الّذي رآه أبو الحسن من أنّ التّضمين ليس بعيب مذهب تراه العرب، وتستجيزه، ولم يعد فيه مذهبهم من وجهين أحدهما السّماع، والآخر القياس أمّا السّماع فلكثرة ما يرد عنهم من التّضمين، وأمّا القياس قد وضعت العرب الشّعر وضعا دلت به على جواز التّضمين عندهم"[51].

ثالثا: التّضمين المزدوج( علم البلاغة):

وهو من المحسنات البديعية اللفظية، عرّفه الوطواط (ت573هـ) بقوله: "ويكون بأن يورد الشّاعر أو الكاتب في عباراته أو أبياته لفظين أو أكثر مزدوجين وذلك بمراعاته لحدود الأسجاع والقوافي[52]"، وعرفه الرّازي (ت606هـ) بقوله: "وهو أن يتكلم المتكلّم بعد رعايته الأسجاع يجمع في أثناء القرائن بين لفظتين متشابهتي الوزن، والرّوي كقوله تعالى: ﴿"وجئتك من سبإ بنبإ يقين﴾"[53]"-[54]، وعرّفه ابن قيّم الجوزية (ت751هـ) بقوله: "وهو أن يقع في الفقرات لفظان مسجوعان بعد مراعاة حدود الأسجاع، والقوافي الأصلية [...]، ومثال من النّظم قول الشاعر:

تعوّد رسم الرّهب والنّهب في العلا وهذان وقت اللطف والعنف دأبه"[55].

وعرفه ابن الزّملكاني (ت651هـ): "وهو أن يقع في أثناء قرائن النّثر أو النّظم لفظان مسجعان، مع مراعاة حدود الأسجاع الأصلية [...] كقول بعض البلغاء: فلان رفع دعامة الحمد والمجد بإحسانه، وبرز بالجِدّ والجَدّ على أقرانه"[56].

نلاحظ وجود تقارب لفظي "جناس" أو تشابه في الوزن والرّوي بين سبأ ونبأ، وكذلك بين الرّهب والنّهب، واللطف والعنف، والحمد والمجد، والجدّ والجَد،ّ وهي ألفاظ مسجوعة ليس على حدود السّجع، ولا يوجد بينها فاصل، وهذا ما يعرف بالتّضمين المزدوج.

رابعا: التضمين في علم الصوتيات:

فالمضمّن من الأصوات: " والمُضَمَّنُ من الأصوات، تقول للإنسان: قِفْ ) قُلَى ( بإشمام اللام الحركة، وعلى فعلْ بتسكين العَيْن وتحريك اللاّم، فيقال: هذا صوت مُضَمَّنٌ لا يُستَطاع الوقوفُ عليه حتى يوُصَل بشَمِّه كذا"[57]، والتضمين من هذه الجهة ذكر في كتب اللغويين المتقدمين، ولا نجد له أي أثر في كتب اللغويين المحدثين، وهذا يدخل في باب أن التراث اللغوي العربي القديم به كنوز علمية وجب التنبه لها، وتناولها بالدراسة.

خامسا: التّّّضمين في علم البديع ( البلاغة):(insertion dune citation, quotation insertion of a)

وهو فن من المحسّنات اللفظية البديعية (السّجع،الجناس،الاقتباس...)، وعرّفه كثير من العلماء والبلغاء بعدّة تعاريف، وسمّوه بعدّة أسماء ونورد هذه التّعاريف كما يلي: سمّاه الحاتمي (ت 388هـ) بالاجتلاب والاستلحاق فقال: "وبعض العلماء لا يراهما عيبا، ووجدت يونس بن الحبيب وغيره من علماء الشعر يسمّي البيت يأخذه الشّاعر على طريق التمثيل فيدخله في شعره اجتلابا واستلحاقا"[58]، وابن رشيق (ت 456 هـ) فيقول عنه "أمّا التّضمين فهو قصدك إلى البيت من الشّعر أو القسيم فتأتي به في آخر شعرك أو في وسطه كالمتمثّل"[59].

وعرّف رشيد الدّين الوطواط (ت573هـ) التّضمين بقوله: "تكون هذه الصّنعة بأن يدخل الشّاعر في شعره على سبيل التّمثّل والعارية لا على سبيل السّرقة مصراعا أو بيتا أو بيتين من قول شاعر آخر، ويجب أن يكون بيت التّضمين مشهورا، وأن تكون هناك إشارة صريحة على التّضمين بحيث تزول تهمة السّرقة عن الشّاعر لدى سامعيه"[60]، وأسامة بن منقذ (ت 584 هـ) يعرّفه بقوله: "اعلم أنّ التّضمين هو أن يتضمّن البيت كلمات من بيت آخر"[61]، وابن الأثير (ت 637 هـ) فإلى جانب التّضمين الحسن والّذي قصد به الاقتباس، فيسمّيه التّضمين، ويعرّفه بما نصه: "التّضمين وهو أن يضمّن الشّاعر شعره والنّاثر نثره كلاما آخر لغيره قصدا للاستعانة على تأكيد المعنى المقصود"[62].

والخطيب القزويني (ت 739هـ) يعرّفه بقوله: "أمّا التّضمين فهو أن يضمّن الشّعر شيئا من شعر الغير مع التّنبيه عليه إن لم يكن مشهورا عند البلغاء"[63]، وبهاء الدّين السّبكي (ت777هـ) يقول في تعريفه له: "التّضمين أن تجعل ضمن الشّعر شيئا من شعر غيرك ولو بعض مصراع، وإن كان مشهورا فشهرته تغني عن التّنبيه عليه، وإن لم يكن مشهورا فلينبه عليه خوفا أن يظنّ به السّرقة بذكر ما يدلّ على نسبته لقائله"[64].

ويعرّفه سعد الدّين التفتازاني (ت 792 هـ) بقوله: "أمّا التّضمين فهو أن يضمّن الشّعر شيئا من شعر الغير بيتا كان أو ما فوقه مصراع أو ما دونه مع التّنبيه عليه أي على أنّه من شعر الغير إن لم يكن مشهورا عند البلغاء"[65] "وإن كان مشهورا فلا احتياج إلى التّنبيه وبهذا يتميّز عن الأخذ والسّرقة"[66]،ويعرّفه الطّيبي (ت 743 هـ) بقوله: "التّضمين وهو أن يضمّن الشّعر من شعر الغير، والشّرط أن يكون المضمّن به مشهورا أو مشارا إليه"[67].

وابن قيّم الجوزية (ت 751 هـ ) يجعل الاقتباس هو التّضمين ويقول عنه: "وأمّا التّضمين في الشّعر فلا يخلو أن يكون البيت المضمّن مشهورا أو غير مشهور فإن كان مشهورا لم يحتج إلى تنبيه عليه أنّه من كلام غيره لأنّ شهرته تغني عن ذلك، وإن كان غير مشهور فلا بدّ من تنبيه على أنّه ليس من شعره"[68].

وابن حجّة الحموي (ت 837 هـ) يسمّيه الإيداع ليميّزه عن التّضمين الّذي هو عيب من عيوب الشّعر على حسب رأيه فيقول عنه: "الإيداع يغلب عليه التّضمين، والتّضمين غيره فإنّه معدود من العيوب [...]، والإيداع الّذي نحن بصدده هو أن يودع النّاظم شعره بيتا من شعر غيره أو نصف بيت، أو ربع بيت بعد أن يوطئ له توطئة تناسبه بروابطه، متلائمة بحيث يظنّ السّامع أنّ البيت بأجمعه له "[69]، وعبد الرّحيم العباسي (ت 963 هـ) يعرّفه بقوله: "وهو أن يضمّن الشّاعر شيئا من شعر الغير مع التّنبيه عليه إن لم يكن مشهورا عند البلغاء، وإن كان مشهورا فلا حاجة إلى التّنبيه"[70].

ويعرفه جلال الدّين السّيوطي (ت 911هـ): "التّضمين أن يضمّن شعره شيئا من شعر الغير مع التّنبيه على أنّه من شعر الغير إن لم يكن مشهورا عند البلغاء لئلا يتّهم بالأخذ والسّرقة وإلاّ فلا حاجة إليه"[71]، ويعرّفه الشيخ أحمد الهاشمي (ت 1943 م) بقوله: "هو أن يضمّن الشّاعر كلامه شيئا من مشهور شعر الغير مع التّنبيه عليه إن لم يكن مشهورا لدى نقاد الشّعر وذوي اللسن[72]، بذلك يزداد شعره حسنا"[73]، وجاء في الموسوعة العربيّة الميسّرة في تعريف التّضمين ما يلي: "التّضمين اصطلاح بلاغي يطلق على إدخال الشّاعر شيئا من شعر غيره في شعره كالاقتباس من القرآن والحديث"[74].

وإذا ما رجعنا إلى مخترعه الأوّل ابن المعتز (ت296هـ) فقد سمّاه حسن التّضمين لكنّه لم يقدم له تعريفا غير أنّه أورد له أمثلة من الشّعر، ونوردها نحن بدورنا لنخلص منها بتعريف للتّضمين عنده، المثال الأوّل "قال الأخيطل :

ولقد سما للخرمي فلم يقل يوم الوغى (لكن تضايق مقدمي)[75].

فقوله (لكن تضايق مقدمي) مضمّن من قول عنترة بن شداد إذ يقول في معلقته:

إذ يتقون بي الأسنّة لم أخم عنها ولكنّي تضايق مقدمي [76]

المثال الثّاني "وقال [الأخيطل أيضا]:

إذا دله عزم الجود لم يقل غدا عودها إن لم تعقها العوائق

ولكنه ماضٍ على عزم يومه (فيفعل ما يرضاه خلق وخالق)"[77]

فالشّطر الأخير من البيت الأخير مضمّن من شعر شاعر آخر.

المثال الثّالث " قال آخر:

عوذ لما بتّ ضــيفا له أقراصه بخلا بيــاسين

جنت والأرض فراش وقد غنّت (قفا نبك) مصاريني"[78]

فـ (قفا نبك) مضمّنة من قول امرئ القيس في معلقته:

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل[79].

وهذه الأمثلة المقدّمة تنطق نيابة عن لسان ابن المعتز لتعرّف لنا حسن التّضمين عنده فقالت: بأنّه أخذ الشّاعر لشطر بيت أو مصراع فما دونه فيصيّره على أنّه هو قائله.

تكاد التّعاريف السّابقة وإن اختلفت في التسميّات للتّضمين، على أنّه أخذ الشّاعر شيئا من شعر الغير، ويدرجه في شعره، وكأنّه هو قائله، وكما نلاحظ أنّ كثيرا من التّعاريف تقف على شرط التّنبيه عليه إن لم يكن مشهورا لئلاّ يتّهم المضمّن بالسّرقة، وإن كان مشهورا سائرا على كلّ الألسنة فلا حاجة للتّنبيه عليه فشهرته تغني.

ونجد ابن يعقوب المغربي (ت1110هـ) يجوّز التّنبيه أو عدمه في حالة شهرته عندما يقول "ولاختصاصه بالشّعر لم يشترط فيه أن ينبه على أنّ الكلام لغير المضمّن بل يجوز فيه التّنبيه أو عدمه عند الشّهرة"[80].

وممّا تجدر الإشارة إليه، ما قاله ابن يعقوب المغربي (ت1110هـ) معلقا على قول الخطيب القزويني عندما قال: "التّضمين أن يضمّن شيئا من شعر الغير..." قال معلقا على هذا القول: "والأحسن أن يقول بدل قوله من شعر الغير [أن يقول] من شعر آخر، ما إذا ضمّن شيئا من شعر نفسه من قصيدة أخرى مثلا، لكن لقلّة التضمين على هذا الوجه لم يعتبره"[81].

أمثلة عن التّضمين البديعي:

يأخذ المثال حظّه في بعض المرات أوفر حظّ من التّعريف نفسه للشّيء في حدّ ذاته فهذه أمثلة نسوقها لتــزيد التّعاريف السّابقة توضيحا.

"يقول بعض المتأخّرين قيل هو ابن التّلميذ الطّيّب النّصراني:

كانت بلهنية الشبيبة سـكرة فصحوت واستبدلت سيرة مجمل

(وقعدت أنتظر الغناء كراكب عرف المحل فبـات دون المنزل)

فالبيت الأخير لمسلم بن الوليد الأنصاري"[82].

"وقول ابن العميد:

وصاحب كنت مغبوطا بصحبته دهرا فغـــادرني فردا بلا سكن

هبت له ريح إقبال فطــار بها نحــو السّرور وألـجاني إلى الحزن

كأنّه كان مطويا على احـــن ولم يكن في ضروب الشّعر أنشدني

(إنّ الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا من كان يألفهم في الـمنزل الخشن)

فالبيت [الأخير] لأبي تمّام"[83] من قصيدة قالها في أبي الحسن على بن مرّ والبيت هذا كان آخر القصيدة [84]،وأوّلها:

أراك أكبرت إدماني على الدّمن وحملي الشّوق من جادٍ ومكتمن[85]

ونلاحظ أن ابن العميد على شهرة البيت المضمّن إلاّ أنّه نبّه عليه في الشّطر الّذي قبل البيت عندما قال: "ولم يكن في ضروب الشّعر أنشدني"، ثمّ أورد البيت المضمّن، فالإنشاد لا يكون إلاّ قول مضى قوله سابقا.

"وقول الحريري:

على أنّي سأنشد عند بيعي (أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا)

المصراع الأخير قيل هو للعرجي، وقيل لأميّة بن أبي الصلت وتمام البيت :

[ أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا] ليوم كريهة وسـداد ثغر"[87] -

"والشّطر الثّاني قد ضمّنه النّميري الغرناطي فقال:

له شفة أضاعوا النّشر منها بلئيم حين سدّت ثغر بدري

فما اشتهى لقلبي ما أضاعوا (لـيوم كريهة وسداد ثغر)"[88]

"وكقول ابن نباتة الخطيب المصري:

أقول لمعشر جلدوا ولاطوا وباتوا عاكفين على الملاح

(ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح)[89]

فالبيت الأخير لجرير، من قصيدة قالها في مدح عبد الملك بن مروان قال في أوّلها:

أتصحو بل فؤادك غير صاح عشيّة همّ صحبك بالرّواح[90]

إلى أن قال :

ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح[91].

"ومن محاسن [سراج الدّين الوراق] في التّضمين قوله:

توارى من الواشي بليل ذوائب له من حبيب واضح تحته فجر

فدلّ عليه شعره بظلامــــه (وفي الليلة الظّلماء يفتقد البدر)[92]

فالشّطر الأخير من البيت الثّاني مضمّن من قول أبي فراس الحمداني من أبيات قالها عندما أسره الرّوم إذ يقول :

سيذكرني قومي إذا جدّ جدّهم وفي الليلة الظّلماء يفتقد البدر[93]

وهو بيت ضمن القصيدة الشّهيرة لأبي فراس الحمداني والّتي مطلعها :

أراك عصيّ الدّمع شيمتك الصّبر أما للهوى نهي عليك ولا أمر[94].

وقال عبد الرحيم العباسي: "هذا الشّطر المضمّن نقله ابن الصّائغ إلى مداعبة وزاده تورية بقوله:

تطلّبت جحرا في الظّلام فلم أجد ومن يك مثلي حيّة دأبه الجحر

فناداني البدر الأديب إلى هــنا (وفي الليلة الظّلماء يفتقد البدر)"[95]

ونجد أنّ ابن الصّائغ نبّه عليه بأسلوب التّورية فالمعنى القريب "للبدر الأديب" هو القمر ليلة اكتماله، والمعنى البعيد هو أبو فراس الحمداني.

"وقال أبو العلاء [المعرّي] في ختام قصيدة له:

ولا تزال بك الأيّام ممتعة بالآل والحال والعلياء والعمر

[وضمّن] الشّيخ زين الدّين [بن الوردي] [الشّطر الأخير] في ختام قصيدته فقال:

وارتجى لك من ذي العرش عافيته (في الآل والحال والعلياء والعمر)"[96].

التّغيير في التّضمين البديعي:

من خلال الأمثلة السّابقة المقدّمة كتوضيح للتّضمين رأينا أنها لم تتعرض إلى تغيير على مستوى الألفاظ والتّراكيب بزيادة أو نقصان أو تقديم أو تأخير، ونجد بعض البلغاء، والعلماء يجيزون بعض التّغيير اليسير ليدخل البيت المضمّن أو بعضا منه سياق الكلام والمعنى، يقول الخطيب القزويني: "ولا يضرّ التّغيير اليسير ليدخل في معنى الكلام كقول بعض المتأخّرين في يهودي به داء الثّعلب :

أقول لمعشر غلطوا وغضوا عن الشّيخ الرّشيد وانكروه

(هو ابن جلا وطلاع الثّنايا متى يضـع العمامة تعرفوه)

البيت [الثّاني] لسحيم بن وثيل وأصله :

أنا ابن جلا وطلاع الثّنايا متى أضع العمامة تعرفوني"[97]

وقال ابن أبي الأصبع المصري : "ولا يضرّ تصحيف الحرف، وتحريفه من الكلام ليدخل في معنى الكلام المتأخّر عند الاستعانة كما فعلت ببيت من الحماسة حين قلت :

إذا ما خليل صدّ عنك مــلالة وأصبح من بعد الوفا وهو غادر

فلا تحتفل واستـــعن بالله إنّه على أنّ ترى عنه غــنيا لقادر

(وهبه كشيء لم يكن أو كـنازح به الدّار أو مـن غيبته المـقابر)

فإنّ هذا البيت [الأخير] كان نسيبا، وكان أوّله (فهبها) فحرفت ضمير التّأنيث لضمير التّذكير حتّى دخل في معناي"[98]، والبيت المضمّن لعمرو بن أبي ربيعة[99].

"وقال الحارث بن عباد عند مقتل ابنه بجير، وأراد له الثّأر :

قربا مربط النّعامة منّـي لقحت حرب وائل على حيال

إلى أن قال:

لم أكن من جُناتها علم الله وإنّي بحرّها اليوم صالي

وضمنه شمس الدّين التّلمساني :

وعيون أمرضن جسمي وأضرمـ ـن بقلبي لواعج البلبال

وخدود مثل الرّيــــاض زواه ما لأيّام حسنها من زوال

(لم أكــن من جناتها علـم الله وإنّي بحرّها اليوم صـالي)

فحرف لفظ (جناتها) من الجناية إلى الجني"[100].

ونجد أنّ ابن المعتز يرخص بالتّغيير اليسير في التّضمين، وهذا من غير أن يتلفظ بعبارة تعبر عن ذلك، وإنّما نلمسه من المثال الّذي قدمه كشاهد على التّضمين وهو:"قال الأخيطل :

ولقد سما للخزمي فلم يقل بعد الوغى (لكن تضايق مقدمي)[101]

فالشّطر الأخير تقريبا مضمّن من قول عنترة العبسي في معلقته الشّهيرة إذ يقول :

إذ يتقون بي الأسنّة لم أخم عنها ولكنّي تضايق مقدمي [102]

فحول (لكنّي) إلى (لكن)، وهو تغيير يسير ليدخل في المعنى أو الغرض الشّعري ...، فالتّغيير اليسير لا يضرّ الشّيء المضمّن، ولا يخرجه من دائرة التّضمين.

أنواع التّضمين البديعي :

نظر العلماء والبلاغيون إلى التّضمين وقسّموه إلى أنواع حسب المضمّن به فقد يكون بيتا أو أكثر أو مصراعا أو أقلّ،

يقول الخطيب القزويني: "وربّما سمّي تضمين البيت فما زاد استعانة،وتضمين المصراع فما دونه تارة إيداعا، وتارة رفوا"[103]، فإذا ضمّن الشّاعر بيتا أو أكثر يكون استعانة لإسناد رأي أو تقوية حجّة، ولأنّ الاستعانة لا تكون إلاّ عند الحاجة، وخاصة عند العجز، وهذا في جميع المجالات، ولربّما كان اسم الاستعانة هاهنا لا يتطابق مع هدف التّضمين الّذي يكون للتّمثيل والاستشهاد...

"وتضمين المصراع فما دونه إيداعا لأنّ الشّاعر الثّاني قد أودع شعره شيئا من شعر الأوّل، وهو بالنّسبة إلى شعره قليل مغلوب، ورفوا لأنّه رفا خرق شعره بشعر الغير"[104].

ويقول ابن يعقوب المغربي: "لمّا شمل الكلام تضمين بيت أو أكثر أو مصراع أو أقل، كانت هناك ثمانية أقسام"[105].

فابن يعقوب المغربي يجعل التّضمين ثمانية أقسام مع التّنبيه أو عدمه وهي:

1- "تضمين بيت مع التّنبيه على أنّه لغيره أو بدون التّنبيه لشهرته.

2- تضمين أكثر من بيت مع التّنبيه أو بدونه.

3- تضمين المصراع مع التّنبيه أو بدونه.

4- تضمين دون المصراع مع التّنبيه أو بدونه"[106].

أما الطّيبي فبعد أن عرّف التّضمين قال: "وهو على ضروب:

- أوّلها أن يكون المضمّن تمام بيت.

- ثانيها أن يكون المضمّن به مصراعا.

- ثالثها أن يضمّن بعض المصراع"[107].

وهذه بعض الأمثلة نقدّمها على الأنواع الّتي سبق ذكرها:

1- تضمين بيتين دون التّنبيه عليهما (استعانة).

كقول الحارثي :

وقائلة والدّمع سكب مــــبـادر وقد شرقـت بالماء منها المحاجر

وقد أبصرت نعمان من بعد أنســها بنا وهي منّا هو حشات دوائـر

(كأن لم يكن بين الحجون إلى الصّــفا أنيس ولم يسمر بمكّة ســامر)

فقلت لها والقلب مني كأنّهــــا يقلبه بين الجوانح طــــائر

(بلى نحن كنّا أهلها فأبادنـــــا صروف الليالي والجدود الغوائر)

فاستعان ببيتي خرقة بنت تبع[108] -.

وكمثال آخر" قال عمر بن طوق:

صدّت الكأس عنا أم عمرو وكان الكـأس مجــراه اليمينا

وما شرّ الثّلاث أم عمـرو بصـــاحبك الذي لا تصبحينا

فاستلحقهما عمرو بن كلثوم فهما في قصيدته "[109]، وهما في معلقته البيت الخامس والبيت السّادس[110].

2- تضمين بيتين مع التّنبيه عليهما (استعانة).

" حكي أنّ الحيص بيص قتل جرو كلب، وهو سكران فأخذ بعض الشّعراء كلبة، وعلق في رقبتها قصّة، وأطلقها عند باب الوزير فإذا فيها مكتوب:

يا أهل بغداد إنّ الحيص بــيص أتى بخزية ألبسـته العار فـــي البلد

أبدى شـــجاعة بالليل مجتــرءا على جريّ ضعيف البطـش والجلد

فأنشدت أمّه مـن بعد ما احتسـبت دمّ الأبليق عند الواحد الأحـــد

(أقول لنفس تأســـــاء وتعزية إحدى يدي أصابتني ولم تـــرد)

(كلاهما خلف من بعد صـــاحبه هذا أخي أدعوه وذا ولــــدي)

البيتان الأخيران لامرأة من العرب قتل أخوها ابنها فقالت ذلك تسلية"[111]، ونبّه عليهما الشّاعر في البيت الثّالث بقوله: " فأنشدت أمه"، لأنّ الإنشاد لا يكون إلاّ في أمر قد قيل فيما مضى.

3- تضمين بيت بدون التّنبيه على أنّه من شعر الغير (استعانة) .

"قال ابن الرّومي في مأبون :

يا سائلا عن خالد عهدي به رطب العـجان وكفّه كالجلمد

(كالأقحوان غداة غبّ سمائه جفت أعاليه وأسفله نـــدي)

فالبيت الأخير للنّابغة الذّبياني "[112].

قال رشيد الدّين محمّد العمري الشّهير بالوطواط:

ذنبي كثير وعذري فيه متّضـح فاقبله فالعذر عند الحرّ مقبول

(نبئـت أنّ رسول الله أوعدني والعفو عند رسول الله مـأمول) [113]

فالبيت الثّاني هو لكعب بن زهير بن أبي سلمى[114]،وهو بيت من جملة أبيات القصيدة الّتي أوّلها:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيّم على إثرها لم يجز مكبول [115]

4- تضمين بيت مع التّنبيه على أنّه من شعر الغير (استعانة).

"قال القاضي أبو عمر القاسمي:

يا ويح عـنترة الذي قد شفّه ما شـفّني ولـم يتـكلـم

(يا شاة ما قنص لمن حلّـت له حرمت عليّ وليتها لم تحرم)"[116]

فالشاعر نبّه على البيت الأخير المضمّن، وهو لعنترة بن شداد العبسي، بقوله في البيت الّذي قبله :"يا ويح عنترة ...".

وكذلك قول عبد القاهر بن طاهر التّميمي:

إذا ضاق صدري وخفت العدى تمثلت بيتا لحالي يليق.

(فبالله أبلغ ما ارتــــجي وبالله أدفع ما لا أطيق )-[117]

فالشاعر نبّه على البيت المضمّن عندما قال في البيت الأوّل :"تمثلت بيتا .."

5- تضمين مصراع دون التّنبيه على أنّه من شعر الغير (رفوا أو إيداعا).

"كقول الشّاعر :

قد قلت لما اطلعت وجــناته حول الشّقيق الغضّ روضة آس

أعذاره السّاري العجول توقفا (ما في وقوفك ساعة من باس)

فالمصراع الأخير لأبي تمّام"[118]،وهو صدر بيت لمطلع قصيدة قالها أبو تمّام في مدح أحمد بن المعتصم، وهو:

ما في وقوفك ساعة من بأس تقضي ذمام الأربع الأدراس [119]

6- تضمين مصراع مع التّنبيه على أنّه من شعر الغير (رفوا أو إيداعا).

"قال الحريري :

على أنّي سأنشد عند بيعي (أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا )

فالمصراع الأخير قيل للعرجي، وقيل لأميّة بن أبي الصلت، وتمام البيت (ليوم كريهة وسداد ثغر)"[120]، "...فقد نبّه على التّضمين بقوله: "أنشد" فإنّ الإنشاد إنّما يكون لشيء قد سبق نظمه وقوله"[121].

7-تضمين دون المصراع دون التّنبيه على على أنّه من شعر الغير (رفوا أو إيداعا).

"كقوله الأخطيل :

ولقد سما للخرَّمي فلم يقل بعد الوغى (لكن تضايق مقدمي)[122]

فلقد ضمن الأخطيل "لكنّي تضايق مقدمي" من قول عنترة بن شداد حين قال :

إذ يتقون بي الأسنة لم أخم عنها ولكنّي تضايق مقدمي[123].

فضمن دون المصراع ولم ينبه عليه، أنه من شعر الغير حتّى وإن قال قبل تضمينه "فلم يقل" فهو خارج عن دائرة التنبيه.

7- تضمين دون المصراع مع التّنبيه على أنّه من شعر الغير (رفوا أو إيداعا).

قال أبو تمّام:

لو أنّ امرأ القيس بن حجر بدت له لما قال مرّا بي على أم جندب

تريك هلالا أو يقال لها أســفري فتسفر شمسا أو يقــال تنقبي [124]

فقد ضمن قول امرئ القيس عندما أرادت أم جندب المفاضلة بينه، وبين علقمة الفحل فقال:

خليليّ مرّا بي على أم جندب لنقضي حاجات الفؤاد المعذّب[125]

وهو تضمين في ما دون المصراع وعلى شهرة البيت إلاّ أنّنا نرى أنّ الشّاعر قد نبّه عليه على سبيل الاستشهاد.

إلى جانب ما ذكرنا من أخذ الشّعراء للبيت أو أكثر من شعر الغير، وتضمينه أو المصراع أو ما دونه، فهناك عدّة أساليب أخرى للشّعراء في التضمين، وفي هذا الصدد يقول ابن حجّة الحموي: "ويجوز عكس البيت المضمّن بأن يجعل عجزه صدرا، وصدره عجزا، وقد تحذف صدور قصيدة بكاملـها، ويـنظم المودع [أي المضمّن] صدورا لها لغـرض اخـتاره وبالعكس ..."[126]، ويمكن أن نوجز أساليب الشّعراء في التّضمين من هذا القول ونزيد عليه، ويمكن حصرها كما يلي:

- قلب البيت فالصدر يصبح عجزا، والعجز يصبح صدرا (تضمين معكوس).

- حذف صدور القصيدة بكاملها والإتيان بصدور من نسج الشّاعر.

- حذف أعجاز القصيدة، والإبقاء على صدورها.

- ومنهم من يشطر البيت شطرين، ويجعلها عجزين لبيتين.

- ومنهم من يشطر البيت شطرين، ويأتي الشّاعر المضمّن بعجز للشّطر الأوّل ويأتي بصدر للشّطر الثّاني فيصيّرها بيتين.

- ومنهم من يجمع شطرين أو بيتين لشاعرين مختلفين.

- ومنهم من يضمّن شطرين أو بيتين أو أكثر أو أقل لشاعر واحد في قصيدتين مختلفتين .

- ومنهم من يضمّن البيت أو أكثر أو الشّطر أو ما دونه (وهي الأنواع التي سبق ذكرها). وهناك أساليب أخرى يأتي بها الشّعراء وهي لا حصر لها ولعلّ هذه الأساليب هي أغلبها وأشهرها.

الخـــاتمة :

مما سبق ومن الأمثلة والشواهد، والأقوال والتعاريف نجد أن اسم التضمين هو مصطلح واحد أو دال واحد لخمسة مفاهيم أو مدلولات في أربعة علوم وهي: النحو، البلاغة، علم القافية، وعلم الصوتيات، وفي علم البلاغة هو مصطلح لثلاثة فنون مختلفة( التضمين المزدوج، البديعي، النحوي الذي عده الكثير من العلماء مجازا، فالبالتالي هو من علوم البلاغة).

وانطلاقا من التعريف اللغوي نجد أن التضمين يكتنف كل ما قيل في هذه الفنون، ففي التعريف اللغوي الذي مر معنا آنفا للتضمين هو وضع الشيء في مكان شيء آخر، وهو ما ينطبق في باب التضمين النحوي، فهو وضع فعل مكان فعل أو حرف مكان حرف،...، وكذلك في التضمين المتعلق بعلم القافية فهو وضع تكملة البيت والمعنى في مكان آخر وهو بداية البيت الذي يليه، والتضمين البديعي هو أيضا يصب في هذا المعنى فهو وضع بيت أو أقل أو أكثر منه في شعر آخر، أما في التضمين المزدوج، فقد يشك البعض بأنه لا ينطبق مع مضمون المصطلح اللغوي، لكن إن أمعنا النظر وجدنا أن التضمين المزدوج هو أن توضع كلمة في الميزان الصرفي والوزن والبناء التركيبي، وكذلك الميزان الصرفي للكلمة التي قبلها، وفي علم الصوتيات هو وضع نطق حرف في مكان نطق حرف مجاور له.

وعلى هذا فتسمية التضمين المتعددة في هذه الفنون هي تصب في خانة التعريف اللغوي للتضمين، وهو وضع الشيء مكان شيء آخر، ومضمون التعريف اللغوي للتضمين هو ما دفع العلماء المتقدمين إلى إطلاق اسم التضمين على فنون مختلفة لعلوم متعددة، ويسحب هذا القول على التسميات الواحدة لفنون متعددة، ولربما حتى في العلم الواحد.

هذا المقال منشور بهوامشه في مجلة دراسات أدبية العدد الثالث جوان 2009 من الصفحة 77 إلى الصفحة 104 ومجلة دراسات أدبية مجلة علمية محكمة يصدرها مركز البصيرة للبحوث والدراسات بالجزائر









--------------------------------------------------------------------------------

الثلاثاء، 14 سبتمبر 2010

أهداف مشروع الذخيرة العربية

أهداف مشروع الذخيرة العربية

في رفع المستوى العلمي والثقافي للمواطن العربي

الأستاذ عبد الحليم ريوقي

الجزائر

مشروع الذخيرة العربية ( المنطلقات والأهداف):

هو بنك آلي من النصوص العربية القديمة والحديثة مما أنتجه الفكر العربي فهو ديوان العرب في عصرنا فسيكون آليا أي محوسبا وعلى شبكة الإنترنت، وهو بنك نصوص لا بنك مفردات أي ليس مجرد قاموس بل مجموعة من النصوص مندمجة حاسوبيا ليتمكن الحاسوب من المسح لكل النصوص دفعة واحدة أو جزء منها كبيرا أم صغيرا أو نصا واحدا وغير ذلك [1]،ويعرفه الأستاذ الدكتور العلامة عبد الرحمن الحاج صالح وهو صاحب فكرة المشروع بقوله : " هو بنك آلي من النصوص العربية القديمة وخاصة التراث الثقافي العربي والحديثة مثل الإنتاج الفكري العربي المعاصر وأهم الإنتاج العلمي العالمي بالعربية وذلك على موقع من الإنترنيت "[2] وهو يغطي ويكشف في نفس الوقت " استعمال العربية طوال خمسة عشر قرنا في أروع صوره ثم هو يغطي الوطن العربي أجمعه في خير ما يمثله من هذا الإنتاج الفكري ( زيادة على الكثير جدا من الخطابات العفوية )"[3]، وتمثل الذخيرة العربية اقتراحا حضاريا يعد إضافة علمية نوعية يسهم في تقدم العلم ويرسم استراتجياته المستقبلية فالمشروع يعنى بلم شتات المعارف الموجودة سابقا لإعطاء تصور لها في المستقبل وهذا التصور يتفاعل ويؤسس لاقتراحات سابقة وأخرى لاحقة[4] ففي مرحلة أولى للمشروع سيتم حيازة:

- النص القرآني بالقراءات السبع وكتب الحديث الستة

- أهم المعاجم اللغوية ( وحيدة اللغة والمزدوجة )

- الموسوعات الكبرى الهامة عربية الأصل والمنقولة عن اللغات الأخرى

- عينات من الكتب المدرسية والجامعية القيمة الرائجة في الوطن العربي أو في البلد الواحد

- عينات من الكتب الخاصة باكتساب بعض المهارات منها تعليم اللغة العربية على الطريقة الحاسوبية

- عينات من الكتب التقنية

- عينات من البحوث والدراسات ذات الأهمية العلمية المنشورة في المجلات المتخصصة

- عينات من المقالات الإعلامية الصحفية والإذاعية والتلفزيونية والمداخلات المنطوقة في اللقاءات العلمية

- أهم ما حقق ونشر من كتب التراث الأدبية والعلمية من العصر الجاهلي( شعر الشعراء المدون) إلى عصر النهضة [5]، وهذا العنصر الأخير هو الأهم في المشروع.

هو مشروع يعتمد على وسائل التكنولوجيا الحديثة ( الحاسوب ، شبكة الإنترنيت،...) ، بحيث يتم تخزين وحيازة الكتب والمؤلفات العربية القديمة والحديثة والتي لها صلة بالتراث اللغوي العربي بواسطة الحواسيب ، وبعد ربطها بمحرك بحث يتم وضعها تحت تصرف كل باحث ومتطلع عبر موقع في الإنترنيت ، وعلى هذا الأخير أن يختار كتابا معينا أو عصرا معينا أو كاتبا بعينه،.... ، وله كذلك أن يختار الكل ، بعدها له خانة معينة ( أو ما يسمى مربع النجاح ) ليكتب فيها كلمة أو جملة ليقوم محرك البحث بتزويده بكل الكتب أو المقالات الموجودة فيها ، وهذا ضمن الصفحة الموجودة فيها ،وهذا حسب اختياراته الأولى ، ويظهر له عدد التكرارات إن على مستوى المؤلف الواحد أو عند كاتب معين أو في عصر معين ، فهي بالتالي مدونة لغوية شاملة

فهو مشروع علمي حضاري فكري لغوي من شأنه أن يسهل عمل الباحثين والدارسين والمتطلعين ، وهذا بشكل سريع، ومعرفة أول استعمال لها ( عصر ، كتاب ، مؤلف)، وحصر كل المؤلفات التي وردت فيها الكلمة ، وليس كما هو الحال في السابق عندما يخطأ المرء في رصد أول استعمال للكلمة، في أي عصر ، وفي أي كتاب ، أو حصر كل المؤلفات المتكلمة عنها ، أو أنه عاجز عن إيجاد الكتب المنشودة ، أو أنها مفقودة أو طبعت طبعة واحدة ونفذت...، وهذا ناتج عن عجز في فكر الباحث أو تقصير من جهات أخرى كالمكتبات مثلا، وعليه فالمشروع هو مصدر موثوق من المعلومات العلمية والأدبية واللغوية وشامل ومحدد ودقيق الاستعمال.

فكرة المشروع :

صاحب فكرة المشروع هو أستاذنا الدكتور العلامة عبد الرحمن الحاج صالح ، الذي دافع عن فكرة المشروع لمدة ثلاث وعشرين سنة، ومازال، بالرغم من أن المشروع تبنته جل إن لم نقل كل الدول العربية ، وكثير من المنظمات وخاصة جامعة الدول العربية.

وأول الفكرة عرضها العلامة الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح في مؤتمر التعريب الذي انعقد بالعاصمة عمان سنة 1986 ، فأوضح أهمية المشروع في البحوث اللغوية والعلمية ، خاصة على مستوى توحيد المصطلحات ورصد المفاهيم،...، واستثمار وسائل التكنولوجيا الحديثة في ذلك[6].

وعرضت الجزائر المشروع على المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في ديسمبر 1988 فوافق أعضاؤه على تبنيه في حدود إمكانيات المنظمة[7]، ونظمت جامعة الجزائر مع المنظمة العربية للتربية والثقافة و العلوم في ماي 1991 أول ندوة للمشروع شارك فيها بعض ممثلي الهيئات العلمية العربية وخرجوا بتوصيات تخص تنظيم العمل وكيفية المشاركة ، ورصد هيئات المتابعة، ومنه تقرر تنظيم ندوة ثانية تجتمع فيها المؤسسات الراغبة في إنجاز المشروع[8] ، وتقرر أن يستضيف الندوة مركز البحوث والدراسات العلمية بدمشق سنة 1995، ولكن لم يحصل ذلك[9].

وكانت هناك عدة اجتماعات وندوات وملتقيات لحصر الأطراف المشاركة أو كيفية مشاركتها أو إقناع بعض الهيئات من أجل تبني المشروع ، ومن أهم تلك الندوات هي : الندوة الدولية حول حوسبة الذخيرة اللغوية العربية المنعقدة بالجزائر من 03 إلى 05 نوفمبر 2001، والتي شارك فيها عدة باحثين ودارسين عرب من الجزائر ، تونس ، المغرب، مصر ، الأردن، والكويت، والتي دارت محاورها حول أهمية المشروع وتوظيف وسائل التكنولوجيا الحديثة لخدمة المشروع وتطويعها من أجله ، من أجل فعالية أكثر،" ومن حسن حظ المشروع أن تبناه المجمع الجزائري للغة العربية ، فنظم المجمع بالمشاركة الجزئية لجامعة الجزائر ندوة تأسيسية انعقدت في الجزائر بين 26و 27 ديسمبر بالرعاية السامية لفخامة رئيس الجمهورية وجمعت تسع دول عربية ووعد الباقي من المدعوين بالمشاركة في الندوة المقبلة ، وخرجت هذه الندوة بتوصيات وقرارات هامة ، وأنشأت لجنة دولية دائمة للمتابعة والتخطيط والتنسيق" [10].

وآخر اجتماع كان بعاصمة السودان الخرطوم سنة 2002 بجامعة الخرطوم وفيه تقرر أن يقدم اقتراح إلى جامعة الدول العربية للتكفل بالمشروع ، وفيه تقرر تسمية المشروع بـ:" مشروع الذخيرة العربية " بعد أن كان يسمى بـ: مشروع الذخيرة اللغوية العربية ، فالمشروع وإن كان في أصله لغويا إلا أنه يتجاوز الجانب اللغوي لشموليته، [11] ، والمشروع لا ينظر إلى اللغة العربية وآدابها فقط ولا إلى العلوم اللسانية وحدها ، وإنما ينظر إلى العلوم الإنسانية والاجتماعية والعلوم الأساسية والتكنولوجيا على حد سواء ، لأن اللغة هي الوسيلة بالنسبة للباحث في أي علم من العلوم [12]

وفي14 سبتمبر2004 تبنى المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية المشروع بالإجماع، والذي يقوم على أن تكون هناك لجنة قطرية أو وطنية في كل بلد يترأسها المسؤول المحلي للمشروع ( ترشحه حكومته ويعينه الأمين العام لجامعة الدول العربية) ، وكل واحد من هؤلاء يمثل دولته في الهيئة العليا للمشروع وهو المسؤول عن متابعة المشروع في بلده ، والتنسيق والتخطيط في الهيئة العليا ، وكل دولة تشكل خلايا الحيازة والمتابعة والبحث ( كل خلية متكونة من 03 إلى 10 أفراد للحيازة يشرف عليهم دكتور ويضاف لهم مشرف تقني برتبة مهندس حاسوبي) ، هذه الخلايا تقوم بمهام حيازة الإرث الضخم من التراث اللغوي العربي وفق برنامج محدد لكل دولة من طرف الهيئة العليا للمشروع، ومقر الهيئة العليا للمشروع تكون بأرض الجزائر بمقر المجمع الجزائري للغة العربية.

وقد وافقت 18 دولة وقدمت مرشحيها إلى غاية 12 أفريل 2006، وفي27-28 جوان 2009 تم تنظيم اجتماع بالجزائر ضم ممثلي جل الدول العربية ، وهيئة جامعة الدول العربية من أجل تبنيها للمشروع بشكل رسمي نظرا لأهميته العلمية والفكرية والحضارية، وعين الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح رئيس المجمع الجزائري للغة العربية ، وصاحب فكرة المشروع، رئيسا لمشروع الذخيرة العربية ، ومقره بالمجمع الجزائري للغة العربية، ووجب التنويه بأن منذ بداية الفكرة وإلى غاية اليوم كثير من الدول والهيئات العلمية أعجبت بالفكرة وانطلقت في حيازة الكتب والمؤلفات ذات الصلة بالتراث اللغوي العربي بشكل حر أو منظم وفق الهيئة العليا للمشروع.

وهناك عدة لجان بالمشروع أهمها:

- لجان الحيازة : وهي تقوم بحوسبة النصوص التراثية اللغوية، والعلمية، والنصوص ذات الصلة بالمشروع.

- لجنة المعاجم: تهتم بالمعاجم الكبرى القديمة ، معاجم حديثة مزدوجة اللغة، معاجم المصطلحات العلمية ،...

- لجنة التنسيق والمتابعة : وهي بدورها تتشكل من لجان وهي :

01 - لجنة التراث :مهامها حصر النصوص المراد حيازتها، التنسيق لكيلا يحدث التكرار في حيازة النصوص،ومتابعة أعمال المشروع، العمل والحث على تحقيق بعض الكتب المخطوطة القيمة غير المحققة

02 - لجنة الترجمة للبحوث العلمية : وهي تعمل على متابعة الجديد في الساحة العلمية من بحوث ومقالات ودراسات أجنبية والعمل على ترجمة النفيس منها خاصة ما يخدم اللغة العربية

03- لجنة الحاسوبيات : وهي لجنة تعمل على النظر في مشاكل المشروع من جوانبه التقنية وتذليلها وتطويرها بما يخدم المشروع ويجعله أكثر نجاعة.

أهداف المشروع :

يهدف المشروع أساسا إلى :

- " الذخيرة كبنك معلومات آلي : إن الهدف الرئيسي لمشروع الذخيرة هو أن يمكّن الباحث العربي أيا كان وأينما كان من العثور على معلومات شتى من واقع استعمال العربية بكيـفية آلية وفي وقت وجيز "[13] فالمشروع يهدف لإنشاء بنك آلي للغة العربية ( بنك نصوص)، بحيازة وحوسبة نصوص المؤلفات ذات القيمة الكبيرة ( كتب ، معاجم ، مقالات، رسائل، أطروحات،...) في الآداب وغيرها،فهو " يتضمن أمهات الكتب التراثية الأدبية والعلمية والتقنية وغيرها ، وعلى الإنتاج الفكري العربي المعاصر في أهم صوره بالإضافة إلى العدد الكبير من الخطابات والمحاورات العفوية بالفصحى في شتى الميادين"[14] ، وللباحث حرية البحث فيها( عن كلمة ، جملة) عبر وسائط ووسائل التكنولوجيا ( الحاسوب ، الإنترنيت)، في عصر معين ، أو عند كاتب معين ، أو في مؤلف ما ، ...، أو اختيار كل الكتب والعصور ، وهذا للوقوف على أول استعمال للكلمة المعينة( لفظ عادي أو مصطلح علمي) ، وحصر كل المؤلفات التي وردت فيها هذه الكلمة ، ومنه يصبح البحث أكثر دقة وشمولية، مع ورود تكراراتها في كتاب معين أو عصر معين أو عند كاتب بعينه، كل هذا بشكل سريع لأن المعطيات ستعالج بشكل محوسب وفق التكنولوجيات الحديثة ( الحاسوب و الإنترنيت)، ومن شأنه وضع حد لتداخل الكثير من المصطلحات والمفاهيم وهي أزمة حقيقية في ميدان العلوم.

- الذخيرة كمصدر لمختلف المعاجم والدراسات : سيستخرج من هذا البنك ( المسمى عند المهندسين بقاعدة المعطيات النصية ) العديد من المعاجم نذكر منها :

- المعجم الآلي الجامع للألفاظ العربية المستعملة : وفيه تحدد معاني كل مفردة وسياقاتها التي ظهرت فيها ، ويحتوي على جميع المفردات العربية التي وردت في النصوص المخزنة القديمة والحديثة .

- المعجم الآلي للمصطلحات العلمية والتقنية المستعملة بالفعل : سيحتوي على المصطلحات التي دخلت في الاستعمال ولو في بلد واحد أو جهة معينة لأنها وردت في نص واحد على الأقل ويذكر مع كل مصطلح ما يقابله في اللغتين الإنكليزية والفرنسية ، أما ما لم يدخل في الاستعمال وورد فقط في معجم حديث فيشار إليه فقط مع ذكر مصدره ، وسيجزأ هذا المعجم إلى معاجم متخصصة بحسب فنون المعرفة ، ومجالات المفاهيم .

- المعجم التاريخي للغة العربية

- معجم الألفاظ الحضارية ( القديمة والحديثة)

- معجم الأعلام الجغرافية

- معجم الألفاظ الدخيلة والمولدة

- معجم الألفاظ المتجانسة والمترادفة والمشتركة والأضداد

وغير ذلك من المعاجم المفيدة [15]

- رصد دقيق وشامل لاستعمالات اللغة العربية في زمان ما أو عصر معين .

- حصر تعدد المفاهيم للمصطلح الواحد

- الوقوف على معاني الكلمات من خلال سياقها في عصر معين، وتحديد زمن ظهورها وأول استعمال لها

- رصد التحول / التطور/ التعدد / الانقراض الدلالي للكلمات وسياقاتها.

- يشكل المشروع معجم آلي جامع للغة العربية مع المقابل الفرنسي والإنكليزي يستخرج من البنك الآلي المذكور ( معجم مفردات)

- مع وجوب ذكر أن المشروع يهدف إلى ترجمة الأعمال الهامة بلغات أخرى تخدم الجوانب اللغوية العربية ، أو لها علائق وترابط بينها، إلا أنه عمل تطوعي تعمل وفقه لجنة مختصة ترصد أهم البحوث الأجنبية وتعمل على ترجمتها ووضعها في محرك البحث الخاص بالذخيرة العربية وهذا كل ثلاث أشهر حتى يضمن المواكبة لمسايرة البحوث والتطورات العلمية بعد أن كانت الأعمال تترجم بعد أن يأتي عليها حين من الدهر، بل وتصبح ترجمتها غير مجدية في حين آخر.

- ويهدف المشروع إلى تسهيل وتنويع ومتابعة الدراسات اللغوية ، وميادين أخرى غير لغوية منها الدراسات التاريخية وخاصة تاريخ الحضارة العربية وتاريخ الفكر العربي الاجتماعي والعلمي والديني وغيرها ، كذلك الدراسات الاجتماعية والنفسية بحصر مجالات التصورات الخاصة بكل فئة في كل قطر أو إقليم عبر العصور ودراسة تفاعلها ومدى تأثيرها .[16]

- وعلى هذه الأهداف يدرك بأن الغرض منه بحثي ويهدف لحفظ اللغة بحفظ وحيازة الكتب التراثية، وحفظ علوم اللغة كالنحو والصرف والبلاغة والعروض وفقه اللغة ...، ومعرفة أحوال المفردات والتعابير ، من أول استعمال ، وسياقاتها ، ودخيلها ومولدها ، ....، وليس الجانب اللغوي فقط بل يتعداه لكل العلوم والمعارف التي لها صلة بالعلوم والمعارف ، خاصة بعد إعادة التسمية بـ مشروع الذخيرة العربية ، فالمشروع يهدف وإن قيل سابقا بأن الشعر هو ديوان العرب فإن مشروع الذخيرة العربية هو ديوان العلوم العربية في العصر الراهن[17]

- الهدف المهم من وراء المشروع هو أنه مصدر مهم وموثوق لإنجاز البحوث العلمية بشتى أنواعها ، مع ضمان الدقة والشمولية ، وخدمة كل متطلع أو مستزيد للمعارف ، ودعم عملية التعلم والتعليم في كل الأطوار، ومعرفة التطور العلمي عبر الأزمنة بشكل عام أو خاص.



عوائق المشروع:

المشاريع الصغيرة لها عوائقها فما بالنا بهذا المشروع الضخم الهام ، بل بالعكس كلما كان المشروع هاما كانت عوائقه كبيرة وكثيرة وما يواجه المشروع من عوائق منها :

- عائق الكمية الكبيرة من المعطيات المراد حيازتها [18]تراثنا اللغوي العربي على مدار خمسة عشر قرنا تقريبا ضخم من حيث المؤلفات ، ومن حيث تعدد الضروب والفروع، بل إن حصر العناوين أمر صعب بذاته ، وهو أمر يدعو للفخر ، ويدعو لتبني صعوبته بشكل رسمي ، صحيح أن مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة ، لكن هذا الأمر وصعوبته لا ينكره أحد ، وإن كانت الدول والهيئات ستتقاسم حيازة هذا الإرث المشترك ، لكن يبقى العائق مطروحا ، ولنقل عندئذ أن المشروع هو مشروع أجيال، مع ذكر أن هناك بحوث تجري بكيفية الماسح الضوئي للنصوص ومن ثم تحويلها لصيغة الوورد word ، وإن كانت نسبة نجاحه تبقى دون المطلوب وهذا لا يغلق باب البحث ، وهي طريقة لو تنجح ستسرع العمل بكثير فبواسطته سنجز في يوم واحد ما سينجز في شهر بالطريقة العادية وسينجز في أسبوعين ما سينجز في سنة.

- المشروع تبنى فكرة المشاركة الحرة لضخامة المشروع وتكاليفه الباهظة ، وبالتالي توزيع العمل على أكبر عدد ممكن من المؤسسات العربية [19]، ففي الندوة الأولى التي انعقدت بالجزائر من أجل إرساء المبادئ الأساسية لإنجاز المشروع ( يونيو 1991م) تبنت فكرة المشاركة الحرة للمؤسسات العلمية والجامعية ومراكز البحث ،...،[20] وهو ما يطرح عائق تكرار حيازة المؤلف الواحد من طرف عدة جهات وهنا وجب التنسيق التام بين الجهات والأطراف المشاركة[21] .

- عائق حصر الكتب التي لها صلة بالتراث اللغوي العربي ، كما هو معلوم بأن ما دار في فلك النحو والصرف ، وفقه اللغة ، والبلاغة ، والعروض ، هو من التراث اللغوي العربي، وهذا لا يعني الحصر بل هناك كتب لها صلة بالتراث اللغوي العربي ، حتى وإن كانت غير لغوية ، ككتب التاريخ ، والتفاسير ، والفلسفة،...، ليست كلها حتما ولكن بعضها له صلة بالتراث اللغوي العربي ، فغريب القرآن والحديث الشريف من صلب كتب التراث اللغوية لأنها تفاسير لغوية ، أضف إلى ذلك بأن المعلومات النيرة والدقيقة والفريدة في عالم اللغة العربية ضمتها كتب أخرى لا صلة لها باللغة ككتب التاريخ مثلا لسبب واحد وهو أن المؤرخ التأريخي مثلا لا يذكر معلومة قيمة في اللغة ورد ذكرها في كتب اللغة بل يذكر ما لم يذكر فيها، وهنا يطرح مشكل تحديد قائمة الكتب المحازة ذات صلة بالتراث اللغوي العربي، وهنا وجب وضع خلايا للحصر والمتابعة ، والتدقيق والفرز.

- عائق توحيد طرائق النشر الأولي وتقنيات الحصر والإحصاء ( عائق تقني يقضى عليه باتفاق الأعضاء المشاركين على توحيدها وتسميتها للعمل وفقها وعدم الحياد عنها)، فالأمر يتعلق بالنسبة لما يحتاج الحاسوب من البرمجيات (soft-ware) ليستطيع الإجابة المناسبة للأسئلة التي تطرح عليه ، وهناك بحوث جادة ، وهناك أخبار بأن هذه البرمجيات قد تم إنجازها وقد عرضت على المشاركين في ندوة وطنية بالجزائر[22]

- عائق أن هناك بعض الكتب المخطوطة الهامة والقيمة في اللغة العربية غير محققة، وهو عائق وجب نهضة حقيقية في مجال تحقيق هذا الإرث العظيم من التراث اللغوي ، وإلا كان العيب فينا كيف لا وأجدادنا ألفوا ونحن عجزنا حتى على تحقيق ما ألفوا.

- عائق اختيار أفضل الكتب من حيث القيمة العلمية [23] التحقيقات وأحسنها للكتب والمؤلفات ، لأن المؤلف الواحد يمكن أن تجد له عدة تحقيقات على نقيض أن هناك مخطوطات غير محققة ، وهذا العائق يزاح باختيار لجنة تزكي وتفاضل بين التحقيقات المتعددة لتوصي بحيازة طبعة معينة .

- هناك بعض العوائق على مستوى الحيازة وهو ما اكتشفناه وفق خبرة البسيطة في ميدان المشروع ، وهو أن بعض الكتب طبعت وفق معايير ووسائل مطبعية سابقة (حيث كانت الحروف تركب يدويا في صفحة المطبعة ) ،ولكن عند حيازتها وفق التكنولوجيات الحديثة نجد صعوبة في كتابة بعض الألفاظ مثلا ، في بعض الكتب يكتبون الألف ( ا) وفوقها همزة وتحتها همزة مثلا كلمة اسجاح ويضعون همزة فوق الألف وأخرى تحتها ليدرك القارئ بأن استعمالها على هذا الجانب وعلى الآخر سواء لكن وفق الحاسوب الحالي لا يمكن كتابتها بهذا الشكل ، وكمثال آخر يكتبون كلمة مذكر ، ويضعون الدال فوق الذال ، للدلالة على استعمال الوجهين ولكن في الحاسوب لا يمكن كتابتها، وكمثال حي في هذا الباب هو ما جاء في كتاب التلخيص في معرفة أسماء الأشياء لأبي هلال العسكري ما نصه " التنين بالفارسية أزدَها"[24] ولكن فوق الزاي ثلاث نقط ، ولا يمكن كتابتها بهذا الشكل ، هذا أولا وثانيا : عائق في كتابة بعض الهوامش للكتب المحققة بحيث كل صفحة تكتب وفق هامشها كما هي في الكتاب لكن في بعض المرات يتعذر ذلك لامتلاء حجم الصفحة المحازة أضف إلى ذلك بعض الاقتباسات والاختصارات التي يعتمدها بعض المحققين في الهوامش فهي لا تشكل عائقا أمامنا لكنها تشكل عائقا على الباحث في ما بعد لأنه لا يفهم معناها[25]، بعض هذه المشاكل هي تقنية فمنها ما وجدنا له الحل ومنه لا يمكن إيجاد حل له إلا بطريقة تقنية ، واجتهادا منا وجدنا الكثير من الحلول لجل هذه العوائق ولكن في الأخير هذه الحلول تؤثر على عملية البحث في ما بعد.

- يضاف إلى هذا بعض الأخطاء المطبعية وهي كثيرة ، ولا يمكن لعالم من العلماء المتقدمين أن يقع فيها ولكن عند طباعتها ، تقع أخطاء مطبعية ، كوضع الدال مكان الذال[26] ، وأمر من هذا القبيل يحدث كثيرا ، وهو ما يجعل عائقا آخر أمام الحيازة ووجب التنبه لهذه الأخطاء، كما يجب عدم التسرع بالحكم بالخطأ فالإنسان لا يبني إدراك الخطأ لمحدودية معرفته باللغة ، ففي بعض المرات نجد الكثير يصحح لأنه يعرف كلمة واحدة ، وعندما يجد كلمة تشبهها نوعا ما ( وهي صحيحة لغة وهو لا يعرفها ) يقول بأن هذا خطأ مطبعيا والأصح هي الكلمة التي يتقنها ويعرفها هو .

- يطرح عائق آخر وهو متعلق بعملية البحث في ما بعد ، ومتعلق بإشكالية المصطلح والمفاهيم وهو على شقين الأول متعلق بتعدد المفاهيم للمصطلح الواحد ، والثاني متعلق بتعدد المصطلحات للمفهوم الواحد وكمثال على الأول نجد على سبيل المثال لا الحصر كلمة " تضمين " فلو أراد الباحث أن يبحث عن كلمة " لحن " فسينتج له وفق البحث في المشروع ثلاث مفاهيم وهي:

1- اللحن: وهو ترك الصواب في القراءة [27]. وهو ما يعرف بالأخطاء غير مبررة في النطق أو الكتابة من نصب ما وجب رفعه، أو جر ما وجب نصبه ، ...

2- اللحن : وهو نوع من أنواع الإشارة ويستعمل للاحتراس،[28] وهو يرتبط بفن التلميح. وهو اللحن المقصود في الآية الكريمة: ﴿ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم ﴾ [29]

3- اللحن : اللحن في القرآن والآذان هو التطويل في ما يقصر والقصر في ما يطال [30]، ومنه أصل تسمية الألحان والتلحين في الموسيقى سحبت من أصلها في ترتيل القرآن ، والآذان إلى باقي الألحان.

كذلك لو أراد الباحث البحث عن كلمة " تضمين " كمصطلح علمي وليس ككلمة عادية فسينتج له خمسة مفاهيم مختلفة

1/التّضمين في علم النّحو [ أو علم البيان] (saturation sémantique/sémantic saturation) هو إشراب كلمة معنى أخرى لتتعدّى تعديتها نحو الآية "﴿عينا يشرب بها المقرّبون﴾"[31] فالعين يشرب منها وليس بها ،والفعل شرب تعدى بالباء لتضمينه معنى ارتوى، وقد يكون في الأسماء أو الأفعال أو الحروف[32]، ومن العلماء من يضع هذا النوع في المجاز ، وهو ما يجعله يندرج في علم البيان[33] .

2/ التّضمين في علم العروض (enjambement/enjambement)، عده بعض العلماء عيبا من عيوب القافية إلى جانب الإيطاء ، الإجازة، ، الإقـــواء، ، الإجازة، السّناد،..." وهو تعلق بيت من أبيات القصيدة ببيت يليه من جهة اللفظ أو المعنى[34].

3/ التّضمين المزدوج وهو أن يتكلم المتكلّم بعد رعايته الأسجاع يجمع في أثناء القرائن بين لفظتين متشابهتي الوزن، والرّوي كقوله تعالى : ﴿"وجئتك من سبإ بنبإ يقين ﴾"[35]"-[36].

4/ التّضمين في علم البديع (insertion dune citation,quotation/insertion of a.) أمّا التّضمين في علم البديع فهو أن يضمّن الشّعر شيئا من شعر الغير مع التّنبيه عليه إن لم يكن مشهورا عند البلغاء"[37].

5/ التضمين في علم الصوتيات : والمضمّن من الأصوات : ما لا يُستطاع الوقوف عليه حتّى يوصل بآخر قال الأزهري : والمضمّن من الأصوات أن يقول الإنسان قف، فل بإشمام اللام إلى الحركة"[38].

وبعد هذه الأمثلة ، يتضح لنا أن هناك مصطلح واحد له أكثر من مفهومين ، ووجب على الباحث أن يفرق بين المفاهيم في عملية البحث وإن كان جليا من خلال المفاهيم ، ولكن وجب التنبه خاصة إذا علمنا بأن الكثير من الباحثين يخلطون بين المفاهيم ويجعلونها واحدة خاصة في ما تعلق بمصطلح اللحن ، وما قلناه هنا ينطبق على كل المصطلحات التي يجب على الباحث التفريق بينها.

الشق الثاني هو أكثر عمقا من الأول ، وهو ما يتعلق بتعدد المصطلحات للمفهوم الواحد ، وكمثال على هذا نقدم مفهوم التورية ، وإن كان مفهومها في غنى عن تعريفها نعرفها بتعريف الخطيب القزويني(ت739هـ) " هي أن يطلق لفظ له معنيان قريب وبعيد ويراد بها البعيد " [39] ،والتورية تسمى أيضا :

الإيهام 2- التوجيه 3- التخيل 4- والمغالطة[40] ، 5- التوهيم 6- الترشيح[41] 7- التعمية [42]8- الإشارة [43]، ويرى ابن حجة الحموي (ت837هـ) وابن معصوم المدني( ت1119هـ) بأن أقرب اسم لهذا النوع هو اسم التورية لمطابقته المسمى لأنه مصدر وريّت الحديث إذا أخفيته وأظهرت غيره[44]، ولكن هذا لا يمنع المصطلحات الأخرى بأن تكتنف مفهوم التورية فمثلا الإيهام أيضا أحق بالتسمية لأن صاحب التورية يوهم السامع بالمعنى القريب وهو يريد المعنى البعيد، والمصطلح من إشكاليات العلوم خاصة إذا كان من نوع تعدد المصطلحات للمفهوم الواحد، وأدرجنا هذا العائق لأن الباحث عن كلمة تورية في المشروع سيوافيه محرك البحث بكل الكتب التي تكلمت عن اسم التورية فقط ، لكن الكتب التي تكلمت عن التورية بأحد المصطلحات السابقة فلا تظهر، وما قلناه عن التورية يقال عن المفاهيم الأخرى متعددة المصطلحات، وللقضاء على العائق نجد أنفسنا أمام أمرين الأول على الباحث مسبقا أن يعرف بأن للتورية عدة أسماء وعليه البحث عنها بشكل منفصل ، والثاني وهو قيام لجنة من الخبراء تعمل على حصر تعدد المصطلحات للمفهوم الواحد ومن ثم برمجت محرك البحث ليستدعي كل المصطلحات التي لها علاقة بالمفهوم المحدد من خلال مصطلح واحد يريد الباحث البحث عنه ، وإن تم الأمر الثاني بالرغم من أنه ليس هينا فعند البحث عن كلمة تورية ستظهر كل الكتب التي تناولت التورية ويظهر معها كل الكتب التي تناولت المصطلحات الأخرى بشكل آلي وفق برمجة خاصة مسبقة.

- يطرح عائق حقوق المؤلفين للكتب التي ينشرونها ، وكذلك دور النشر( ملكية فكرية ، وملكية حقوق النشر)، وهو مشكل قد يطرح بأقل حدة ، نظرا لقيمة المشروع ، وهناك حل بأن يكون تفحص الذخيرة بواسطة اشتراكات ، تجمع وتقسم على من يمتلكون حقوق الملكية الفكرية وحقوق النشر باتفاق مسبق [45] ، وهناك حل آخر لهذا العائق وهو إصدار رؤساء الحكومات في كل بلد قرار يفضي بالسماح للجنة الذخيرة المحلية باقتناء نسخة من كل مؤلف يصدر في البلد يستغل كشاهد على الاستعمال ، مع المحافظة التامة على حقوق التأليف[46] يتم ذلك باستثمار الجانب الإحصائي فقط من غير عرض النص الأصلي ، يعني أن يعرف الباحث أن الكلمة المعينة هي في كتاب كذا وكذا وصفحة كذا [47]

أهداف مشروع الذخيرة العربية لتكثيف تعليم اللغات

- إذا كان مشروع الذخيرة العربية يكتسي طابعا علميا فكريا حضاريا من خلال التسمية فهو مشروع يأخذ أبعادا أخرى فهو أيضا مشروع تربوي ثقافي تعليمي ، فالمشروع هو في متناول الطلبة والباحثين والدارسين كما هو في متناول التلاميذ بل إنه بغية كل مستزيد أو متطلع مهما كان مستواه ( على الأقل أنه يعرف ما يريد ويعرف استخدام تقنية البحث في المشروع ) ، بل إنه بتقنيته البحثية البسيطة يجعله سهل الاستعمال من طرف الكل ومصدر موثوق ويتميز بالدقة والشمولية.

- في البدء ومن خلال اسم المشروع " الذخيرة العربية " يتخيل بأنه خاص باللغة العربية ويمكن أن يساهم في تكثيف اللغة العربية فقط ، ولا يمكنه أن يساهم في دعم تكثيف اللغات الأخرى، وهنا يمكننا القول بأن هذا المشروع ألا يمكن أن يحتذي به من طرف اللغات الأخرى، كأن نسمع يوما بمشروع الذخيرة الفرنسية ، الذخيرة الإنجليزية ، الإسبانية ،....

- وهو مشروع رائد وجب أن يحتذي به على مستوى العلوم الأخرى كقول الذخيرة التاريخية العربية ، الذخيرة الفقهية الإسلامية ، الذخيرة الفلسفية العالمية ، ...، وهي مشاريع من شأنها أن تحل كثيرا من المشاكل الراهنة.

هناك مشروع اسمه الذخيرة اللغوية الفرنسية trésor de la langue française ومن الذخائر النصية المحوسبة نذكر القاعدة المسماة بـ frantext وهي تحتوي على 3500كتاب باللغة الفرنسية تنتمي إلى القرن السادس عشر حتى القرن العشرين وما يزال أصحابها يثرونها بنصوص أخرى حديثة [48] ، وهي ليست بحجم الذخيرة العربية أولا من حيث الحجم ، فتراثنا العلمي من الجانب التوثيقي والتأليفي أكبر من تراث الأمم الأخرى مجتمعة، وثانيا أن المشروع الفرنسي مقصور على اللغة الفرنسية، وهو واضح من اسمه بينما مشروع الذخيرة العربية فهو شامل، وثالثا وهذا هو الأهم هو أن المشروع الفرنسي لا يمكنك البحث فيه بل إنه مشروع محصور زمنيا من القرن السادس عشر على القرن العشرين ، وليس كما هو الحال في مشروع الذخيرة العربية فزمانها يبدأ بدواوين الشعراء الجاهليين وينتهي إلى آخر بحث أو مقال أو كتاب قيم في عصرنا ، كما أنه اعتمد في المرحلة الأولى على تصوير الكتب وحفظها في بنك معطيات فالباحث فيها يمكن مطالعة كتاب عن طريق تقنية pdf ، ولا يمكنه البحث فيه أو في مجموعة كتب أو عصر معين، وما لاحظناه بأن بعض الكتب تتوفر على هذه التقنية ولكنها ليست معممة، وثالثا فهذا المشروع لا يهتم بنقل المصطلحات إلى اللغات الأخرى كالعربية والإنجليزية مثلا على عكس مشروع الذخيرة العربية فلقد رأينا بأن يعتمد على نقل آلي إلى لغات أخرى كالفرنسية والإنجليزية، وما قلناه هنا ينطبق تماما على شركة غوغل google والتي تسعى على إعداد موسوعة الكتب العالمية ، وهو مشروع بدئ فيه منذ فترة ، ولمسنا منهم إرادة في ذلك بعد نشرها عدة إعلانان في كل صحف العالم وبلغات أهلها تطلب من أصحاب الكتب التقرب لمصالحها في مدة معينة من أجل تسوية الأمور القانونية قبل استغلال محتويات الكتب في موسوعتها، ولكن هذا المشروع ناقص لأن الباحث لا يمكنه البحث فيه لأنه بصيغة pdf وهو ما يجعله يفقد صفة الدقة ولا يساعد في عملية البحث إلا في مجال ضيق وهو مطالعة كتاب معين.

- المشروع يهتم بحيازة القواميس والمعاجم اللغوية وحيدة اللغة ومزدوجة اللغة بين العربية ولغات أخرى [49]، وهو من شأنه تعزيز تعلم لغات أخرى غير العربية وإثراء الرصيد اللغوي في شقة المتعلق باللغة العربية وهو مشروع يحوز على معجم آلي جامع للغة العربية مع المقابل الفرنسي والإنكليزي يستخرج من البنك الآلي المذكور ( معجم مفردات) وهو ما من شأنه تعزيز تكثيف تعلم اللغات الثلاثة ، وهذا على عكس القواميس والمعاجم الورقية والتي من شأنها أن تقفز على بعض الكلمات عمدا أو سهوا فهذا المعجم الآلي سيكون أكثر اتساعا ودقة يتميز بالمرونة والسهولة والشمولية وأكثر سرعة ووضوح ، وهو ما يجعلنا ندرجه في خانة تكثيف تعليم اللغات وفق هذه الخصائص.

- الشيء المهم في جانب تعزيز تكثيف تعليم اللغات هو أن المشروع يهتم بجانب الترجمة للبحوث النفيسة بلغات أخرى غير العربية إلى العربية، وللباحث حق الاطلاع على النص الأصلي والنص المترجم وهو ما يدفع بروح المقارنة ومنها يعزز تكثيف تعلم اللغات لأنه ببساطة الباحث لا يقف ترجمة لفظية ( لفظ مقابل لفظ) بل إنه يقف أمام ترجمة أساليب وتعابير، وهي بكل تأكيد تختلف عن الأولى، وهذا الاهتمام بلغ حتى بإدراج لجنة خاصة تهتم بالترجمة في هذا الجانب، إلى جانب لجان أخرى مثل لجنة التراث ، ولجنة الحاسوبيات،...، وهو ما يعكس اهتمام المشروع باللغات الأخرى.

- إن من أهداف المشروع " حصر جميع الطرائق التعليمية المتعلقة بتحصيل مهارة معينة ، كتعليم اللغة العربية بحسب أعمار المتعلمين ومستواهم ولغة منشئهم ، وتعليم الفنون المختلفة بالعربية" [50]يساهم المشروع في عملية تكثيف تعليم اللغات إذا علمنا أن أحد اهتمامات المشروع بطرائق تعليم اللغات بالحاسوب وخاصة اللغة العربية ، ويهدف المشروع باختيار الأحسن وفق مسابقات لاختيار أحسن المناهج والطرائق لتدريس وتعليم اللغات وهو من شأنه تكثيف تعليم اللغات واللغة العربية خاصة ، " ولهذا ستدخل الذخيرة اللغوية العربية أنواع كثيرة من النصوص منها الموسوعات العلمية والتقنية العربية أو المعربة ( مع النص الأجنبي الأصلي) ، وطرائق لتعليم العربية ومختلف الطرائق لتعليم تقنيات معينة بمستويات متنوعة "[51] .

- المشروع من أحد اهتماماته حيازة الكتب والمراجع المدرسية والجامعية خاصة التي لها أهمية في عملية التعلم والتعليم [52]،والمشروع يسد ثغرات التعليم ويصلح ويكمل نقائصه فالأستاذ أو المعلم لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكمل كل الدروس وأن يوصل الدرس بكامله لكل التلاميذ والطلبة ولا حتى أن يتطرق لكل قضايا اللغة العربية وبالتالي فالمشروع وسيلة تتمم هذا وذاك وهو لا يعترف بحدود الزمان والمكان ، ويمكن للمطلع الولوج إليه في أي زمن أو من أي مكان مربوط بشبكة الإنترنيت ، كما سيمكن المتطلعين والباحثين من اكتساب مهارات وكفاءات لغوية بتحصيل وبشكل سريع للغة العربية أو لغات أخرى مثل الفرنسية أو الإنجليزية

- والمشروع لا ينظر إلى اللغة العربية وآدابها فقط ولا إلى العلوم اللسانية وحدها ، وإنما ينظر إلى العلوم الإنسانية والاجتماعية والعلوم الأساسية والتكنولوجيا على حد سواء ،[53] ، فالمشروع له بعد علمي فكري حضاري فهو مشروع جامع ( لغوي ، علمي ،تربوي، ثقافي،...) فهو مصدر موثوق للمعلومات وهو في متناول كل باحث وطالب وتلميذ بل كل مستزيد أو متطلع ،وهو في خدمة الملقنين أو المدرسين فهو يساعدهم لإعداد دروسهم والتحضير لها بشكل جيد ودقيق ويتسم بالشمولية، وكما أن المدرس بتعددها والجامعات باختلافاتها أدخلت بها وسائل التكنولوجيا الحديثة من حواسيب والإنترنت ، فسيصبح المشروع سهل المنال ، بل يصبح المنفذ الوحيد لأنه مشروع علمي تربوي ثقافي ، عكس مواقع أخرى ، والطالب والتلميذ يجد فيه كل ما يريد ويمكنه طرح الأسئلة عكس مواقع أخرى يمكن أن لا يجد المتطلع بغيته أو بشكل ناقص عن ما يبحث[54]، والمشروع له عدة جوانب أهمها جانب لغوي ، وآخر ثقافي ، فالجانب اللغوي فهو ديوان العرب لأنه يمثل الاستعمال الحقيقي للغة العربية قديما وحديثا ، والجانب الثقافي وهو علمي تربوي في ميادين علمية ، تقنية ، تاريخية ، اجتماعية،....[55]، يضاف إلى هذا أن المشروع يهدف بوجه خاص حيازة :عينات من الكتب المدرسية والجامعية القيمة الرائجة في الوطن العربي أو في البلد الواحد ، عينات من الكتب الخاصة باكتساب بعض المهارات منها تعليم اللغة العربية على الطريقة الحاسوبية، عينات من الكتب التقنية ، عينات من البحوث والدراسات ذات الأهمية العلمية المنشورة في المجلات المتخصصة ،... [56]، وهو ما من شأنه ليس تعزيز تكثيف تعليم اللغات خاصة العربية فقط، وإنما تعزيز عملية التعلم والتعليم في كل المقررات الدراسية، وفي كل المراحل التعليمية.

- بواسطة هذا المشروع سيتم توحيد المصطلحات العلمية وغيرها في الوطن العربي [57]،كما أن المشروع يساهم في وضع حد لتداخل المصطلحات والمفاهيم العلمية وحتى تداخل المعاني الدلالية للألفاظ ، وهو عائق أو إشكالية يعاني منها حتى الباحثين والدارسين وليس المبتدئين ، فالمشروع سيساهم في وضع حدود فاصلة بين المصطلحات والمفاهيم العلمية لأن الباحث بعد كتابة مصطلح في مربع النجاح يستخرج له المشروع كل التعاريف وكل الكتب التي تكلمت عنه ومنها يمكن أن يحدد المفهوم الصحيح أو عدة مفاهيم ويفرق بين المصطلحات المتداخلة أو حتى معاني الكلمات ودلالات الألفاظ المتجانسة أو المتشابهة أو الأضداد...، وهو ما يعزز تكثيف تعلم اللغة العربية وسيصبح بإمكان الباحث أن يعرف أكثر من مترادف أو ضد من الأضداد بعد أن كان بالكاد يجد واحدا هنا وآخر هناك، ومعرفة المصطلحات أمر مهم لأنها متعلقة بمفاهيمها ومتى عرفت عزز تعلم اللغات ، فاللغة مرتبطة بالعلوم والمصطلحات لها مكانتها في كل علم ، والمشروع يمكن " الباحثين والمؤسسات العلمية من وضع المصطلح الأكثر موضوعية الذي يتسم بالوضوح والإحاطة بالمفهوم إحاطة كافية ،[...]، ويؤدي ذلك إلى الإسهام في تضييق الفجوة بين الباحثين العرب بما يوحد المصطلحات بينهم بالرجوع إلى واقع الاستعمال "[58]

- المشروع من شأنه أن يعزز تكثيف تعلم اللغة العربية من جانب أن الكثير لا يمكنه حصر أنواع حالات الإعراب مثل أنواع البدل أو أنواع التمييز ...ويضاف إلى ذلك سوق شواهد لهذا وذاك وهو مشكل يواجه الجميع لكن مع المشروع بمجرد كتابة ما تريد تجد أمامك كل الأنواع وما اتفق عليه وما اختلف وتطورها وآلاف الشواهد من القرآن الكريم والحديث الشريف والشعر، بل بالعكس ستجد نفسك محتارا في الاختيار والاختصار، وما قلناه في الإعراب يقال في كل حالات النحو والصرف والبلاغة والعروض وفقه اللغة وعلوم اللغة العربية.

- ويعزز المشروع كذلك الجوانب الدلالية للألفاظ فكثير من الألفاظ انقرضت ولم يعد لها استعمال وهو ما يصادفنا في شعر الشعراء المتقدمين والمشروع في معرفة دلالتها وتطورها ومتى ظهرت ومتى اختفت ، وفي أي سياق تستعمل " فالمشروع يسمح بتصفح لمعاني الكلمات من خلال سياقاتها عبر الزمان وتاريخ ظهور بعض الكلمات الفصيحة والمولدة أو اختفائها، ورصد دقيق وشامل لاستعمال العربية في إقليم خاص في عصر من العصور ، ورصد منتظم للاستعمال الحقيقي لمصطلحات ميدان فني معين"[59]، وهو ما يشكل ما يعرف بغريب اللغة ، يضاف إلى ذلك أننا بالكاد نجد مترادفا أو ضدا للكلمة معينة لكن مع المشروع سيكون لك زخم هام من المترادفات والأضداد ، ويساعد المشروع كذلك على وضع حدود فاصلة بين بعض التداخل الدلالي لبعض الألفاظ ، ومعرفة بعض المبهمات اللغوية ، فللجمل ألف اسم وللأسد أكثر من سبعين اسم ، وللنملة أكثر من عشرين اسم ، وما هو اسم صغير الحية ، وكيف نفرق بين استعمال لفظتا الدرة واللؤلؤة على حسب السياق، وإذا كان للجوع عدة أسماء كالجوع والطوى والمسغبة والمخمصة، فمتى نستعمل هذا اللفظ دون ذاك ،وإذا كان للألفاظ : سار ، مشى ،سرى ، وهام، لها نفس المدلول وهو الانتقال، فكيف ومتى نستعمل كل لفظ، وغيرها من الأسئلة على هذه الشاكلة، وقد يتعب الإنسان للإجابة عنها وإن وجد شخصا فهو غير ملم بها كلية ، وقد لا يجد طرفا آخر يدله على كتاب يجد فيه بغيته ، وإن علم بأمر الكتاب لا يكاد يجده ، لكن مع المشروع الأمر سهل ويتميز بالدقة والوضوح وستجد الجواب سريعا ومعزوا بصفحته وجزئه وصاحب الكتاب وكل الكتب التي تكلمت عن سؤالك بمتنها وصفحتها، وهو ما يمنح التلميذ والطالب والباحث معلومات موثقة من مصادرها وتتميز بالدقة والشمولية

- يعتقد الكثير من الناس أن تعلم لغة ما أمر موقوف بفهم ألفاظها المسموعة وتكلمها من جهة أو كفاءة في كتابتها وقراءتها من جهة أخرى وهو أمر خاطئ نسبيا لأن تعلم لغة ما يعني أنك قادر على القدرة على التبليغ بأكثر من أسلوب وفهم المعاني ومعرفة دلالات متعددة للفظ الواحد وأضداده وأن تعرف بلاغتها وأساليبها ، وأن تعرف نحوها وصرفها وفقه لغتها ، وليس مزاولة لغة تكلما وكتابة يجعلك تجيدها ، فلو سئلت عن معنى كلمة عقنقل أو سجنجل أو كلكل( كتبنا بعض الكلمات التي يمكن للبعض أن يعرف معناها ، فما بالنا بغريب اللغة من كلمات أخرى والتي تبدو غير مألوفة إطلاقا) ولم تجب فكيف لك أن تقول بأني متمكن من اللغة العربية، ويضاف إلى معاني الكلمات المترادفات والأضداد وأسماء الأشياء والأماكن وتعدد الدلالات وسياق استعمالها ،...، وهنا في اللغة العربية نجد أن مشروع الذخيرة العربية يحل هذه الإشكاليات في وقت قصير ومن مصادرها ويمكنك التكلم في ما بعد عن هذه المسائل بكثير من الثقة والدقة والشمولية، وهذا ما يسمى تكثيف تعلم لغة ما وهو التحكم أكثر من الحالات الإعرابية ومعاني الألفاظ ودلالتها وتنوعها ومعرفة سياق استخدامها ، والتدرج الدلالي لها ومترادفاتها وأضداد الكلمة ومعرفة أسماء الأشياء وتطورها....، وبلاغة اللغة وفقهها...، وهي أمور تتعلم بواسطة ملقن والملقن في كل الأحوال يبقى قاصرا عن الإلمام وهو بدوره قد يحيل على كتاب معين والاستزادة الكلية ينبغي لها كتاب فإن أردت كتابا معينا فالمشروع يضعه بين يدك أو أردت كل الكتب الحاصرة لظاهرة ما فستجد ذلك عبر المشروع وإن أردت حتى ما اتفق عليه أهل العلم وما اختلف فكله سيظهر لك بسرعة الضوء عبر هذا المشروع الحيوي الرائد.

- القواميس والمعاجم التي وضعها المتقدمون لا تتسم بالشمولية( فجذر بعض الكلمات بالشكل المعجمي لا يتطرق إلى كل المعاني والاشتقاقات ،...) ، والباحثون باختلافهم يجعلونها المستقى الوحيد لجميع أعمالهم و يهملون كتب أخرى هامة في هذا الجانب[60]، ككتب تهتم بدلالة الألفاظ ، أو الأضداد أو الترادفات ، ...، وغيرها من الكتب التي تعنى بالألفاظ من جوانبها اللغوية، وهو مشروع سيدعم القواميس والمعاجم العلمية مثل معجم لسان العرب لابن منظور أو القاموس المحيط للفيروز آبادي ، ...، لأنها توجب على المستزيد منها معرفة جذر الكلمة ، وهو ما يتعذر على المبتدئين وحتى على المتمرسين أحيانا أخرى ، أضف إلى ذلك أن القواميس والمعاجم التقليدية عاجزة على ربط الدلالات وتعددها وتنوعها وتطورها ومتى ظهرت أو اختفت عن الاستعمال وتعدد المترادفات أو الأضداد أو الفروق الدلالية مثلا بين كلمة حنا وحنى اللهم في ما ندر ( قد يبدو الفرق واضحا بينها عند البعض لكن عند البعض الآخر لا يعرف متى يستعمل كتابة هذا اللفظ أو ذاك- وفق الدلالة الخاصة لكل لفظ- خاصة المبتدئين)، لكن مع المشروع الكل سيجد نفسه مرتاحا من كل هذه العوائق لأنه ببساطة سيجد ما قالته كل هذه المعاجم والقواميس وغيرها من الكتب المهتمة ليس بشرح الكلمة دلاليا ولكن كل ما يتعلق بها من كل الجوانب وهو ما سيثري الجانب اللغوي لكل المستويات والتطلعات، يضاف إلى هذا المعاجم التي سينجزها المشروع متخصصة مثل: المعجم التاريخي للغة العربية ، معجم الألفاظ الحضارية ( القديمة والحديثة)، معجم الأعلام الجغرافية ، معجم الألفاظ الدخيلة والمولدة،...

خاصة إذا علمنا أن من بين أهداف المشروع إنجاز معاجم مختلفة كما مر معنا آنفا ومن بينها معاجم أساسية ووظيفية لتعليم اللغة العربية [61]

- إذا علمنا أن من الوظائف الأساسية للمشروع وما يندرج في ضمنه من معاجم هو تحصيل معلومات كافية تخص :

- تحصيل معلومات تخص الكلمة العربية عادية كانت أم مصطلحا

- تحصيل معلومات تخص الجذور وصيغ الكلم

- تحصيل معلومات تخص أجناس الكلم

- تحصيل معلومات تخص حروف المعاني

- تحصيل معلومات تخص صيغ الجمل والأساليب الحية والجامدة منها

- تحصيل معلومات تخص بحور العروض والضرورات الشعرية والزحافات والقوافي وغيرها

- تحصيل معلومات تخص المفهوم الحضاري أو العلمي

-.... [62]

وكل ما ذكر سابقا يشكل رافدا هاما ، ونبعا صافيا في تعزيز تعلم وتعليم اللغة العربية لاتصالها بمناهج التعليم ومقرراته، ليس هذا فحسب بل سيعزز تعلّم وتعليم كل المقررات الدراسية والجامعية في كل الأطوار.

هذا البحث سينشر بحول الله وإن شاء الله في مجلة المجمع الجزائري للغة العربية العدد 12 نوفمبر 2010

--------------------------------------------------------------------------------